الربيع و الشعر - عبدالله البردوني
وافاك مجتمع البلاد فرنّما
وصبا إليك مسبّحا و متيّما
و تدافعت ( صنعا ) إليك كأنّها
حسناء مغرمة تغازل مغرما
وهفت إليك كأنّها مسحورة
ملتاعة الأعصاب ملهبة الدما
ورأت ولي العهد فازدانت به
فكأنّها قبس يسيل تضرّما
و ترقّصت ربواتها الفرحى كما
رقصت على الأفلاك أقمار السما
لقيت وليّ العهد دنياها كما
لقي العطاش الجدول المترنّما
وصبت نواحيها وجنّ جنونها
فرحا و كاد الصمت أن يتكلّما
و تجاذبتك هضابها و سهولها
شغفا كما جذب الفقير الدرهما
نظرت بنور البدر فجر حياتها
ورأت به الأمل الحبيب مجسّما
بدر مطالعه القلوب و نوره
يوحي إلى الأوطان أن تتقدّما
فكأنّه فجر يفيض أشعة
جذلا و فردوس يفيض تبسّما
و كأنّه وهج إلاهيّ السنا
و منابر تمحو دياجير العمى !
و كأنّه بفم الربيع نشيده
خضراء نقّشها الصباح و نمنما
وروى فم التاريخ سحر جمالها
فكرا مجنّحة ووحيا محكما
و كأنّه قلب يذوب تأوّها
للبائسين و يستفيض ترحّما
فإذا رأى متألّما شاهدته
متوجّعا ممّا به متألّما
حتّى تراه لكلّ عين ماسحا
عبراتها و لكلّ جرح بلسما
و أحقّ أبناء البسيطة بالعلا
من شارك العاني و آسى المعدما
و أذلّ أهل الأرض قلبا من رأى
عبث الظلوم و ذلّ عنه و أحجما
و إذا تسامى طأطأ رأسه
متهيّبا و كفاه أن يتظلّما
أمحمد من أنت ؟ أنت عدالة
و صبابة حرّى باحشاء الحمى
و عواطف تندى و إنسانية
عصما توشّجت السمو الأعصما
ولدتك آفاق المعالي و العلا
شعلا كما تلد السماء الأنجما
غنّاك شعري و الربيع و صفوة
أهدي إليك زهوره و العندما
حيّاك ميلاد الربيع بطيّه
و شدتك أشعاري نشيدا ملهما
فاسلم تقبّلك القلوب و ترتوي
من فيض بهجتك الأماني و الظّما .