عزة النفس .. إلى الرئيس إبراهيم الحمدي - عبدالله عبدالوهاب نعمان

لا مَنْ مَضَى خَيْرٌ لي مِنَ السَّلَـــفِ
ولا الجديدُ عن الماضي بمختلـــفِ
ولا الضَـــلالاتُ تُلْهِيني زَخَاِرُفها
عن كبريائي وعـن قَدْرِي وعن أَنَفي
فأَلْثَمُ القَاعَ مأخــــوذًا بِمَوكِبَها
تَظَفَّرَ الزَّحْـــفُ لَمْ يَهْدَا ولَمْ يَقِفِ
...
لقد حَــزِنْتُ وأحْــزَاني تُجَلَّلُ ما
حَـوْلي وتُعْطِيه مِنْ حُزْنِي ومِنْ أَسَفي
فَـلاَحَ لي كلُّ شيءٍ شَائِــهاً خَرِباً
وكُلُّ مَعْنَىً جَمَــــالِيًّ إِلى تلَفِ
وكُلُّ شَيئٍ هُنَا تَبْــــدُو مَلامِحُهُ
تَحْيَا الحياةَ بِلا طَعْـــمٍ ولا شَغَفِ
...
حَتَّى البِيُــوتَ تَبَدَّتْ وهِيَ سَاهِمَةٌ
كَئِيبَةَ الضَّــــوءِ والأبْهَاءِ والغُرَفِ
حَتَّى الَمَـرايا على حِيَطَــانِهَا كَبِيَت
كَأَنَّمَا هُنَّ أَلْوَاحٌ مِنَ الخَـــــزَفِ
حَتَّى الشُّجَيْــرَاتُ جَفَّتْ فِي مَنَابِتِهَا
وأَصْبَحَتْ حَطَبًـــا فِي كُلًّ مُنْعَطَفِ
حَتَّى الأَزَاهِـــرُ مَا عَادَتْ مُرَوْنَقَةً
كَأَنَّمَا جِئْـنَ مِن بُــؤسٍ ومِنْ شَظَفِ
حَتَّى النَّدَى فَوقَ أَوْرَاقِ النَّبَـاتِ غَدَى
تَحْتَ الشُّعَاعِ بَلِيْـــدَاً خَامِلَ النُّطَفِ
...
طُوبَى لِنَفْسِي كَمْ أَحْبَبْـــتُ ذا خُلُقٍ
مِنَ الرِّجَــالِ وكَمْ صَاحَبْتُ ذا شَرَفِ
وَوَيْـــحْ نَفْسِي كَمْ مَرَّتْ عَلى نَتِنٍ
مِنَ النُّفُـــوسِ وكَمْ أَوْفَتْ عَلى جِيَفِ
...
يا مَنْ عَلِمْـــتُ بِأَنَّ الصِّدْقَ جَاءَ بِهِ
كَالفَجْــرِ يَسْدِلُ أَضْوَاءً عَلى السَّدف
ومن يُـرى في غُثَـاءِ الخَلْقِ جَوهَـرَةً
بِمَا يَحُـطُّ ويُخْـزِي غَيْـرَ مُتَّصِفِ
هَلَ الهَــوانُ غَدَى فِي أَرْضِنَا نَمَطَاً
مِنَ الرَّخَــــاءِ ومَرْوُدَاً مِنَ التَّرَفِ
يُعْطِـــي اللَّطِيمُ كِلا خَدَّيْهِ لاطِمَهُ
لِكَي يَقُــــومَ سَويَّاً غَيْرَ مُنْحَرِفِ
...
تَمْشِي الوقَاحَـــةُ فِي أَرْضِي مُبَجَلَةً
كَأَنَّهَا تُحْفَـــــةٌٌ مِنْ أَنْدَرِ التُّحَفِ
حَتَّى الذُّبَابَــــاتِ تَأتِي مِنْ مَزَابِلِهَا
طَنِيْنُهَـــا قَد غَدى لَوْنَاً مِنَ الظَّرَفِ
...
يامِحْنَـــةُ الصِّدْقِ مِنْ زَيْفٍ بِقَبْضَتِهِ
سَيْــفٌ .. ومَرْكِبُهُ وَحْشٌ مِنَ الصَّلَفِ
كَمْ هَــــابِطٍ تُقْبِلُ الدُّنْيَا لِتَفْضَحَهُ
فَسْلَ العُــــرُوقِ وَبِيَئاًِ سَيِّئَ السَّلَفِ
...
ياأُمَتِـــي أَيْنَ أَحلامِي؟ وكَيْفَ أَرَى
فِيْكِ النَّظِيْـــفُ رَفيِقُ السَّيئِ النَّطِفِ
وكَيْفَ أَشْهَـــدُ فِيْكِ الصِّدْقَ مُفْتَقِداً
صِدْقَ المَعَايِيْــــرِ والتَّمْيِيْزِ والنَّصَفِ
وكَيْفَ يَصْحَـــبُ فِيْكِ الفَجْرُ غُرَّتَهُ
ليلَ المَغَــــاوِرِ والأَنْفَاقِ والجُرُفِ
فَرَشْـــتُ للنَّاسِ وِدْيَانَ الَحِرْيِر نَدَىً
فَرَاحَ يُــذْرَى عَليها يَــابِسَ العَلَفِ
...
مَا للأَرَائِــــكِ أَمْسَتْ فِيْكِ حَاِئَرةٌ
يُجَالِــــسُ الطِّينُ فِيْهَا لؤلؤَ الصَّدَفِ
و فِي يَمِيْنِكِ تَبْــــدُو بَاقَةٌ جُمِعَتْ
فِيْهَا خَلِيـــطٌ مِنَ الرَّيْحَانَ والسَّنَفِ
كَأنَّمَا فِيْـكِ تَمَّــــارٌ مَضَتْ يَدُهُ
في الغِّـشِ تَخْلُـطُ بَيْن التَّـمْرِ والحَشَفِ
...
مَدَائِــــحُ الزُّوْرِ مَا سَارَتْ بَذَاءَتُهَا
على حُــرُوفِي ولا امْتَدْتْ عَلى صُحُفي
كَمْ يَفْســـَقُ الحَرْفُ إِنْ ذَلَّتْ كَرَامَتُه
لِجَارِمٍ آثِمَ الوجْـــــدانَ مُقْتَرِفِ
إِنِّي لأَرْفُـضُ إِثْمَ الآثِمــــِيْنَ ولو
أَنَّ السَّمَــاواتَ قَدْ تَهْوي عَلى سُقُفِي
لا أَرْضَ لي فَوقَ أَرْضٍ قَدْ أَعِيْــشُ بِهَا
بِدُونِ رَفْضٍ ولا لامٍ ولا أَلِـــــفِ
...
أَرْضِــي التي وَهَبَتْ نَفْسِي الشَّبَابَ لَهَا
وعِشْــــتُ أَنْسِفُ فِيْها كُلَّ مُعْتَسِفِ
تَبَخْتَرَ الإِثْــــمُ في أَجْنَـابِهَا وغَدَتْ
مَصَائِرُ النَّاسِ للأَقْـــــدَارِ والصُّدَفِ
يُقَصّـِرُ الخَيْــرُ فِيها مِنْ مَسَاحَــتَهُ
وفُوقَها السُّوءُ مُمْتَـــداً بِلا طَــرَفِ
ويُبْطِئُ الصِّـدقُ فِي خَطْـــوِهِ حَذِرَاً
مِنَ العِقَـابِ ويَمْشِـي مَشْـيَ مُرْتَجِفِ
...
مَنْ مُلْزِمِـي طَاعَـــةً فِيها ومَسْكَنَةً
لِصَوْلَـةٍ قَبَّحَتْــهَا أَوْجُــهُ الشَّرَفِ
أَكَــادُ أَفْقَـدَ إِيَمَـانِي بِهـا وأَرَى
أَنَّ البَقَــــاءَ عليها بَاهِـضُ الكُلَفِ
...
لـولا مُروءة شهـمٍ في جـــوانحه
نفـسٌ معطـرةٌ كالروضةِ الأَنــفِ
أتى النبالــةَ سعيـاً في مســالكها
مُضـوّءَ الـوجهِ فيها أبيضُ الصـحفِ
أمشـي إليه بأحـزاني فينـــزلني
من الحميّـةِ والأفضـــالِ في كنفِ
وإن ظُلمتُ من الأيـام رافقــــني
كالسيـفِ منصلـتاً في كـف منتصفِ
فتىً أيــاديه بالمعروفِ تُثقلُــــني
كأنهُ هـو محمـولٌ على كتــــفي