السقاف والرحيل المُبكِّر - عبدالواسع السقاف

(قيمة الماس في ندرته.. وبعض الناس أثمن من الماس.. والماس يخدش كل المعادن ولا ينخدش.. لكنه للأسف ينكسر!!)

ماذا أصابك تبكي أيُّها القلمُ
هل خانك الرُّشد أم غَالى بك الحُلم ُ

هل جَفَّ ريقُك عن خَوفٍ وعن وَجلٍ
وأنت ترصُد أخباراً هي العدمُ

قد كنت بالأمس تروي صفحتي جذلاً
واليوم تسطُر ما يُدمي وما يَصمُ

ماذا أصابك ؟ قُل للعالمين بما
تهتز منه جبال الأرض والقممُ

مات ( العزيزُ )؟ نعم! والقبر غيَّبه
وغُيِّبَ الحقُّ لما غابت القيمُ

ماتَ (العزيزُ)؟ بلى! والكون ودَّعه
وداع من لم تمت في نهجه الهِممُ

عملاقُنا غاب قل للشَامتين بنا
مُروا على دربه أعْشى، ومتَّهمُ

عملاقنا لا أرى في خصمه أملاً
مهما تطاول في أعماله، قزمُ

لو ركَّبوا بعضَ ألفٍ فوق بعضهم
لم يصنَعوا كفَّه أو تُرتجى قدمُ

ما كُنت أحسب أن القبر يوْسَعه
أو كُنت أعلم أن الطَّودَ ينقصمُ

أو كنت أحسب أنَّ العالمين به
ثكلى، ومن بينهم أحيا وأغتنمُ

من بعد موتك يا سقاف أيُّ حيا
وأي عيشٍ وأي الناس نحترمُ!!

من بعد موتك هل يحيا العزيز على
هذي الحياةُ، وهل يحيا بها القَلمُ

أغمَضت عينك عن دُنيا تنوء بما
في ظهرها حاقدٌ عاتٍٍ ومنتقمُ

الناسُ في ظِلها هذا يموت أسىً
وذاك يقتُله الإملاق ُوالسأمُ

أغمضتَ عينَك حتى لا تكون بها
عينَ المشاهد يطغى قلبهُ الألمُ

كم كُنت للناس رُغم الغَبن خادمهم
في عصر من عزَّ فيه سادةٌ خدموا

عمَّرت ودَّك فوق العالمين يداً
تحنو على الكُل، يلقى فيئَها العجمُ

الناسُ في الغَرب قالوا : عالمٌ فطنٌ
والناسُ في الشَّرق صاحوا سيدٌ علمُ

وهبت عُمرك سهلاً أخضراً ومدى
تحارُ في وصفه الألفاظ والحكمُ

كنت الشجاع، ومن قال الشجاع فقد
أضفى عليك وساماً كنت تلتَزمُ

هل أدرك الموتُ ذاك اليوم أن لنا
وجهٌ أتى الموت كالطُوفان يحتدمُ

لم يجرؤ الموت هيباً أن يخاطبه
وما دنى مِنه حتى قام يبتسمُ

هل ظنك الموت تخشى أن تواجههُ
لم يخلق الله من تخشاه لو علموا

والموت إن جاء حقٌ ، لا مَرَدَّ له
لكنني عاتبٌ دهري وما يصِمُ

أكلَّما ضاء فينا كوكبٌ ذَهلت
منه الغُيوم، وغطَّت نُوره الدِّيمُ

لا يفرح الموت إنَّا قانعون به
نُهدي العظام ولا ينتابنا ندمُ

لسنا من الشُّح حتى نستهين به
إن زارنا سوف يلقى عندنا الكرمُ

ولا نحارُ ، و لا نُحصي مواكبنا
فنحن أعلمُ من يأتي وينصرمُ

إن مات فردٌ لدينا من يكمله
هيهات ينقصُ من أعلامنا علمُ

سيعلم الموتُ أنَّا لا نُحاذرهُ
ويعلم النَّاسُ والأجيال والأممُ

أنَّا نسُوق إلى الأُخرى كواكبنا
كيما تُضيء بهم في العالم الظُلمُ