صفو العيش - عبدالواسع السقاف

(القدر.. باب لا ندري ما خلفه.. ولكننا نمضي إليه، لأننا لا نطيق البقاء في غرفة مغلقة )

أَدري بأنَّي في الغِياب أعاني
وبأن قلبكِ موطن الأحزانِ

وبأن ضِيقكِ لا حُدود تحده
وكذاك قلبي ضائقٌ بمكاني

أنا في غِيابكِ دمعةٌ محبوسةٌ
القهر سِجني ، والأسى سجّاني

أرتدُّ في الآفاق مخنُوق المَدى
وأَحار في الطُرقات كالمجنونِ

وأُخاطبُ الأطياف دونك علَّني
أحظى ببعض جمالك الفَتانِ

يأتي عليَّ الليل يعلم أنّه
سيروح من عندي بقلبٍ فاني

والكربُ يقصدني ، ينوءُ بحزنه
ليروح من عندي بحُزنٍ ثانِ

والحُزن يرحل عن عيوني باكياً
أبكِي عليه ، فطالما أبكاني

فأنا بدونك غُصةٌ مكدودةٌ
ألتَفُ في الآلآم كالثُّعبانِ

ألقى الوجوه بنظرة مكسورةٍ
وأرى الحياة عديمةَ الألوانِ

***

أدري بأنك تُشفقين هواني
وبأن قلبك ظامئٌ لحناني

وبأن ليلك آهةٌ محمومةٌ
يُمسي السُهاد حليفها الشيطاني

عيناك في الأشواق تغرق بالنَّدى
ويداكِ فوق الصّدر ترتعشانِ

وشفاهُك الحمراء تعصِر بعضها
خمراً يسيل على الترائب قانِ

تبكي عليَّ بحُرقةٍ وتآوهٍ
شفتاكِ بالآهات تحترقانِ

تفديك عينايَّ اللتان باتتا
دهراً من الأحزان مُظلمتينِ

عُضي بَنانَك في غيابي إنني
يا رُوح حُزناً ، قد أَكلت بناني

وتأوهي بلسان حالك إنني
من بعد هجرك قد بَلعت لساني

***

أدري بأن فِراقنا ربَّاني
ولقاءنا بعد الفِراق أماني

ووصالنا ، إن كان مكتوباً لنا
سيكون في الأُخرى بخيرِ جِنانِ

لا تحزني! هذي الحياة محطةٌ
الوصل للعُشّاق فيها آني

كم عاشقٍ بات الليالي حالماً
بالوصل ، حتى راح في الأكفانِ

ومؤُملٍ أضحى التُراب يضُمّه
من قبل أن يحظى بصدرٍ حانِ

لكنها الأيام تٌقسم أنّه
لا بُد للخِلان يفترقانِ

والعيش لا يصفو لغير مُكابرٍ
فمتى سيصفو العيشُ للخِلانِ!!