المهاجرة اليمنية - محمد بن حسين الشرفي

من تكونين ؟ وابتدتْ تتملَّى
في محيَّايَ أو تُكابرُ خجلى

وراتختْ قصَّةٌ على كلِّ هُدْبٍ
وعذابٌ من ناظريها أطلا

لاح لي خلف وجهِها حاضرٌ دا
مٍ ، وماضٍ من المآسي تجلّى

رعشاتُ اليدين تكتبُ فصلا
وانكسارُ الجفون يُسردُ فصلا

وبكتْ واستهلَّ دمعٌ حزينٌ
لم يكن قبلَ لحظةٍ مستهلا

والسؤالُ الغريبُ ينبُشُ في الق
لبِ زمانًا وطعنةً منه نجلا

واستفاقتْ شجونُها ترسُمُ الأم
سَ ضياعًا وتنشُرُ اليومَ ذلا

كان لي هاهنا أبٌ مات بالخم
رِ ، وأمٌّ ماتت كما قيل حبلى !

وأبي كان فاضلا غير أني
لم أجد بعدَهُ نعيمًا وفضلا

كان في أرضِهِ وقد كان فحلاً
وامتطى البحرَ والكوارثَ فحلا

في مراياه يعكسُ الحبُّ صنعا
ءَ ، وفي وجهِهِ مرايا المُكَلا

وبقايا شجاعةٍ في ذراعي
ه، وأنفٌ يأبى النجومَ محلا

ورآها ولم تكن ذاتَ بعلٍ
ورأته فكان بعلا وخلا !

وتمُرُّ السنون والقدرُ الحا
سمُ يجري ويكتبُ الموتَ حلا

خلَّفاني أنا وأختي بلا أه
لٍ سوى اليُتْمِ كان بيتًا وأهلا

فنشأنا كما تشاءُ الليالي
وكبرنا والعمرُ مازال طفلا !

واستدار الجمالُ في الجسدِ النا
عمِ خَصْرًا حلْوًا وعينينِ أحلى !

واستوى كالربيعِ صدْرٌ وغنَّى
فيه نهدٌ غَضٌ وبدْرٌ أهَلا !

وأدرنا الأشواقَ في أعيُنِ الفج
رِ صِبًا واثبًا وكرْمًا تدلَّى

وارتمتْ حولَنا الصباباتُ تتلو
من كتابِ الغرامِ ماليس يُتلى

وبخِلْنا حينًا ولكن لماذا ؟
كيف نُجزي الكرامَ شُحًا وبُخلا ؟!

وبدأنا نعطي الكثيرَ ونُبقي
من صبانا لنا القليلَ الأقلا

يتلوَّى بنا نهارٌ كسولٌ
وليالٍ من الرغائبِ كسلى

مِن سريرٍ يرمي بنا لسريرٍ
وفِرَاشٍ بالٍ لما ليس يَبلى

تحتسينا أزقَّةُ الجوعِ كأسًا
من شبابٍ غالٍ وجسمينِ أغلى

ساعدٌ كالجحيمِ يحرقُ نهدًا
وفمٌ يُستباحُ علاًّ ونهلا !

ومضينا على الطريق طويلا
لم نقل لا لمن دعانا وكلا !

لم تكن أول المصلين للح
بِ ولا آخر المصلين صلى

فأنا مثلُ من تراهن في السو
قِ وقد لا ترى كنهديَّ شكلا !

قصص الأخرياتِ مثلي ولكن
قد يخبئنها لترضى وتسلى !

جسدٌ كالثلوج من أشعلَ النا
رَ اصطلى بالهوى ومن ملَّ ملا

لاتسلني فالأمنياتُ تولّتْ
والهوى مثلُ أمنياتي تولى

وبلادي ليست بلادي وأرضي
جفَّ فيها الترابُ كرْمًا ونخلا

وحقولي هذي الشوارعُ والدو
رُ ، وبارٌ وألفُ عبدٍ ومولى !

لا تقلي مسكينةٌ أنتِ رفْقًا
ببقايا هذا الشبابِ ومهلا !

قد طواني الضلالُ في أول العُمْ
رِ ، ومن ضل أول العمر ضلا !

كلُّ همي كأسٌ رَوِيٌّ وليلٌ
أنطوي فيه عالَمًا مستقلا !

مشكلاتي ؟ دفنتها من زمانٍ
ليس لي مشكلاتُ قيسٍ وليلى !

لم تعد لي الحياةُ إلا بقايا
من حطام الرؤى وحُلْمًا مملا

فارسي كان فارسًا من أمانٍ
فارتخى فارسُ المنى وتخلى

هذه قصتي وقصةُ أختي
وهي جزءٌ من دفتر الأرضِ يُجلى !