حراء - محمد محمود الزبيري

من لقلب الظمآن من وقدِ صحرا
ء تلظت من حرها الأفياء

من لأخلاق القبيلة في شعــ
ـب ٍ غريقٍ في إثمه النبلاء

من لآماله الكبار. ومابين
شعاب البطحاء إلا الهباء

من لأهدافه . وليس وراء الــ
ـبيت إلا الصحراء والظلماء

من لإيمانه . وقد ملأ الكعــ
ـبة كفراً حراسها الأغبياء

تركوا بيت الله يحتله الأعدا
ء , والمشركون والشركاء

يقشعر التسبيح في حرام الله
إذا همهمت بع الحنفاء

من لأفكاره . وآلهة الشعـ
ـب المرجى حجارة صماء

من لتشريعه الرحيم . ودين الـ
ـقوم فيهم تناحر ودماء

ليس إلا الفرار بالخلق الطا
هر والاعتصام والإحتماء

ليس إلا الولوه في رحمة الله
وإلا الملاذ والالتجاء

ليس إلا السماء للملك الإنسا
ن . تؤوي فؤاده أو حراء

وانتحى المصطفى إلى الجبل الصا
مت حيث القدسية الشماء

حيث لا شاغل هناك عن الله
ولا ضجة ولا ضوضاء

حيث يطوى في ذلك الصمت ما في الـ
ـكون إلا الحقيقة العلياء

حيث لا نبأةٌ سوى همس جبريـ
ـل . ولا منبىء ولا أنباء

وهب الله ظلمة الغار نوراً
منه تمحي في ضوئه الأضواء

لم تدق مثله الشموس . ولم تحـ
ـلم بلألائه النجوم الوضاء

جمع الله فيه روح السموا
ت , فأجرامهن منها خلاء

وارتوى الغار منه والعرش والكر
سي والكعبة الحرام ظماء

جبل في مجاهل البيد قزم
ليس تدري بظلة البيداء

رفعت رأسه على كل طود
عزة عبقرية قعساء

فحوى ما حوت جوانح جبريـ
ـل . وما أكرمت به سيناء

فجر الله في حراء ينابيع الـ
ـهدى , وهو صخرة صماء

فكأن الغار البليغ فم الأقدا
ر منه الإفضاء والإيحاء

وكأن النبي فيه لسان الـ
ـكون. يحكي عن روحه ما تشاء