من أحرار اليمن إلى أحرار العراق - محمد محمود الزبيري

صيحة الشعب .. في بلاد الرشيد
أشعليها ناراً وثوري وزيدي

إزحفي كالطوفان يا ثورة الشعب
إلينا ودمدمي كالرعود

طهري جونا من الموت والصمت
... وهزي لنا بقايا لحود

إخوة نحن في القيود فهيا
لنكن إخوة بخلع القيود

فالطغاة الأولى أغصوكم الريق
...بقايا همو لنا في الوريد

هم حبال للشنق ترعب بغداد
... وتبدو عريانة ...للشهود

وهم عندنا أراقم ...تخفي السم
...في لونها الجميل الودود

تتشكى العداوتبني لهم طرقاً
إلينا مفروشة بالورورد

دمرتنا لهم كآلات حرب
أطلقتها يدا عدو لدود

حققت للغزاة أكثر مما
يتمنون من خراب مبيد

حملت عنهم العنا فاستراحوا
في حماها وأمعنوا في الهجوم

نصف قرنٍ عشنا ينام بها المحتل
... في أرضنا كنوم الوليد

هجعاً كالفراغ لا يزعج المحتل
... منا غير السراب البعيد

اوشكاوى كشهقة الطفل يبكي
من دلال لأمه يوم عيد

شطرنا يستغيث من غاصب فظٍّ
وشطره من مستبد عنيد

وكلا القاتلين ينهش في جثة شعب
نهش النهوم الحقود...

فإذا ما تصايحا فكقطين
...استباحا أشلاء جسم بديد

**

فاحذري يا بغداد، إن أفاعينا
...لشر من ألف نوري السعيد

إسألو (إسمعيل صفوت )عن صنعا
...وماذا قاسى بها من جحود

إسألوا عنهم المواثيق في جدة
...والإتحاد غير الوحيد

وسلوهم كم طبقوا منعهود
قطعوها ونفذوا من وعود

وسلوهم كم مرة خجلوا فيها
...من الدجل والنفاق البليد

وسلوهم كم من دمٍ سفكوه
دون حكم ٍ او حجةٍ أو شهود

وسلوهم كم قطعوا من رؤوسٍ
غالياتٍ، ومزقوا من جلود

وسلوهم عن العروبة
...في مجدها العريق التليد

أين فروا بها ، وأي سجون
بلعتها لهم واي لحود

ذبحوها ذبحاً فإن ارهقتهم
كنسوها في البحر كنس الدود

**

تلك مأساتنا الأليمة يا أحرار
...بغداد يا كماة الجنود

سجلتها آهات شعب شقيق
عربي مكبل بالحديد

هو في عصركم ويرغمه القيد
...على العيش في عصور الجليد

يتقاضاكم الأخوة في الإحساس
...والجراح والنضال المجيد

كم دفعنا من الدماء لغايات
...كغاياتكم وقصد رشيد

خذلتنا ظروفنا وأعادينا
...وفزتم أنتم بنجح أكيد

كان تاج لديكم يدعم التاج
...لدينا بالنصر والتأييد

إن خبا للطغاة فينا حريق
أسعفتهم طغاتكم بالوقود

كم ذُبحنا وكم جُلدنا (بصنعاء)
...لكيما يرضى بلاط الرشيد

إنهم يؤمنون بالهدف الجامع
...والعرش والمصير الوحيد

فاحذروا يا أحرار "بغداد" ان يسعى
...إليكم طغاتنا من جديد

لا تغرنكم مواعيد قالوها
...قديماً من عصر عبد الحميد

إنها فرية يكيلونها كيلاً
...إلى الناس في سخاءٍ وجود

إنهم يمنحونكم ألف وجةٍ!
إن أردتم وألف وجةٍ مزيد

سوف يبكون إن أردتم بكاءً
كدليل على وفاء العهود

سوف يبنون في الهوا كل مشورع
...جليل وكل صرح مشيد

يعلنون الحياة خوفاً فإن لاقوا
أماناً تراجعوا للحود

إنهم يرقصون في كل جبلٍ
إنهم يخبطون في كل بيدٍ

إنهم يندبون في كل قبرٍ
إنهم يضحكون في كل عيدٍ

يبهرون الدنيا بزورة (موسكو)
وعليهم غبار دنيا ثمود

رددوا منطق التحرر كالببغاء
..تزهو بالنطق بين القرود

يئسوا من رضى اليمانين عنهم
فاستماحوا الرضى وراء الحدود

**

غير أن الأبطال من عرب الأحرار
...لن يخدعوا بزيف الوعود

لم يمدوا الأيادي لمن يحكم الشعب
...بسيفٍ ملوثٍ وقيود

لن يزيحوا نيرونهم ليذيقونا
...مزيداً من سطوة النمرود

هم أزالوا عرشاً أرادهموا جنداً
.(لشمعون) ضد شعب مجيد

ثورة الشعي في العراق تباركت
وحييت ِ من ضمير الوجود

كل نبض ٍ في شعبنا كان شعراً
يتغنى بيومك المعبود

فجرتك السماء ريحاً من الموت
...على كل مستبدٍ عنيد

عصفت بالأصنام آلهة الأمس
...ودكت من كل ركنٍ وطيد

وأذلت من كبرياء جباهٍ
كان يعنى لشاؤها بالسجود

كم إله مزيف تركته
هيبة الشعب في عداد العبيد

**

يا حياةً هبت لنا من قبور
يا سعيراً فارت لنا من جليد

ياأمانيِّنا ونجوى هوانا
يا أناشيدنا ليوم الخلود

كنت بالأمس ليلنا البائس الباكي
...ورعب الكرى وذل القيود

كنت حلف العدو يرهبنا منه
ويحظي فيه بركن شديد

كنت عضواً لم ندر كيف نداويه
...ونقضي فيه برايٍ سديد

إن عفونا سرى لنا الداء منه
أو بترنا عشنا بجسم قعيد

(فيصل) و(الحسين) أشام طفلين
...أساءا لأمة في الوجود

صنعا للعدا من الخدمات النكر
...مالم يصنعه شعب اليهود

شر ما يقتل العروبة أوثان
...نربي طغيانها في المهود

ونغذي فيها ألوهية الإفك
...ونعنو لسخفها بالسجود

ونريها بانها الرمز للعيا
...بلا علياء ولا مجهود

تقتل الشعب أو تخون فلا تسمع
...غير التقديس والتمجيد

**

وازددنا العدى فأضافوا على أصنامنا
...البله خافقات البنود

جعلوا منهم حمى للخيانات
...وجسراً للغز والتهديد

وسلاحاً لقتل كل شريف
وأداة لهدم كل مشيد

لا يلام الأطفال إن حسبونا
سلعاً للملهاة والتبديد

قد عبدناهم صغاراً وهيهات
...لنا أن نكون غير العبيد

منذ كانوا أجنة فهم إما
ملوكٌ أو أولياء عهود

يرثون الشعب إرثاً رخيصاً
دون كد ودون بذل جهود

كيف يأتيهم الشعور بانا
آدميون مثلهم في الوجود

نحن لسنا في وعيهم غير ميراث
...تلقوه من كرام الجدود

**

حاش لله أن يكونوا لِطهَ
بل وحاشا ان ينتموا ليزيد

لو يصح انتسابهم لعلي
كرم الله وجهه في الخلود

لاقشعرت دماؤهم من حياء
وأبت أن تجري لهم في وريد

فرحوا أنهم قد أعتقلوا الشعب
...وشلوا حياته بالقيود

وأباحوا للأعادي وباعوه
...إليهم بحفنة من نقود

**

فتصديت أنت يا ثورة الشعب
... بعزم ماض ورأي سديد

ونفضت التراب عن معدن الشعب
...وعن عرقه الأصيل العتيد

وغسلت العار الذي كان يؤذي
من يراه على جباه الأسود

واقتلعت الطغيان من جذره العاتي
... ومن أسه القوي الوطيد

وجدعت أنفاً من الغرب ذرياً
...وشويته على السفود

ضربة من مشيئة الشعب بالسوط
...أزالت شواهقاً من حديد

غضبة عبقرية ذهل العالم
...من حسمها الرهيب الشديد

كتبت للتاريخ درساً يعيه الصم
...والبكم من طغاة العهود

ومن اليوم سوف يرتجف الطغيان
...من انة الحزين الشريد

ومن اليوم سوف ترتعد الذرة
...في كف كل عات مريد

جزعاً أن تمسها غضبة الشعب
فتخبو نار السلاح المبيد

**

سوف لا تُشترى شعوب ولا تبتاع
...من ماجنٍ ولا عربيد

لن يبيع الطغاة ظفراً لإنسان
ولو كان جثة الموؤد

فقد الأجنبي آماله فيهم
...فلم يبق عندهم من رصيد