سفر الخروج - ياسين الزكري

الفجر سواعد راغدة تتحسس شلال ضفائرها، أنداء مواجيد شتى
تترشَّف من طل الكاهل أبخرة سكرى وعطور..
الشمس محيَّا غانية تغسل بالبوح حياءات الأبكار
أحزم أمتعتي، أنفاس الحلم الآتي
تتلوى أحشاء الوجد لبعض شجون
.
غداة الشمس ..
أختط بوقع السير مسافات أولى ..
تتصاعد انداء الأرض
تنقش خطواتي الذكرى لوحة بُعْد
تحفظها ذاكرة الرمل الممتد بطول الرحلة من حزن
الأهل، عتاب الصحب إلى تيه غريب،يمم صوب القبلة وجهته..
غابات الطين
.
هجير الشمس..
العير تقاسم حاديها عثرات الجوع
لاظل يقينا سمت الشمس ..
لا ماء
لا شيء سوى الدرب اللافح والأحزان
.
زوال الشمس ..
للتلة فستان أزهى لمقيل اليوم
للخطوة قيلولة مرتحل في وجه الريح
وأنا .. تجفف اندائي العطشى أثواب الملح
يسلمني الدرب لتيه الدرب ولا جدوى
.
أصيل الشمس ..
تشعلني جمرة اشواقي، فتذوب الشمس بعمق العين
يتأبط جبته أفق الرؤيا وتهيئ شرشفها
الأنحاء
ترسل خنتها
يضيق الأفق بجوف الليل
.
سأنيخ قوائم قافلتي كي ترعى الراحة بالذكرى
تستحضر كسرة خبز الأمس
ترويها واحات الدمع النازف والأشجان ..
.
العيس تشكل دائرة الحارس حول النار
تلوِّك أشواكا شتى
أسئلة النظرات
تنادم صوت صفير الليل
أنظر عبر تجاعيد النار / الحلكة
أرهف علَّ نسيمات تجلب وقع قوافل شاردة
لا جدوى
لا شيء سوى أعواد صباباتي مشعلة
ناراً ورهان
لا صوت سوى جوقة قفر تعزف مقطوعات الليل القارس ..دان
عواء الذئب / أنين الريح ..
تسامرني ..
تستنطق موَّال النجوى ..
.
الليل طويل ياسلمى والفجر بعيد ..
سفن البيداء عاطشة والدرب
رمال مقفرة والرحل سؤال يثقلني
ويضيف لزفرة أشواقي
أشجان الأمس
.
افترش الزمهرة القصوى ..
التحف الليل"ستارة صمت ثقبَّها إصرار الريح"
نجيمات والنوم خصيم العاشق ياسلمى
النوم خصيم
*
صنعاء- 1996
من مجموعته الاولى "أسفار"