جماجم مجفّفة - مراد العمدوني

إنـانـا
لماذا لم تغلقي ، كما اعتدت ،
شبابيك السماء
على أطفالك
كي يناموا هادئين
( الكوابيس
ضفادع الليل
وقع أقدام الجنود الهاربين
من الأناشيد إلى كتاب الموتى
… )
أطفالك خائفون ، إنانا ،
من سقوط الليل عليهم
مثل جدار يائس
تثقبه العصافير الحديدية
و الوعود الطلسمية
فلم تعد مساحة أصابعك اليسرى
تكفي لـتُـظـلِّـلهم
و تخفي ما وراء الرّيح
من دمّ مُـلوَّن
كحلوى العيد
و ما وراء الرّيح
من نُـجـم
تحاصر أضلعهم
وهي تَـحْـبُــــــو ….. و تحبو
تعبوا ، إنانا ، تعبوا
من وصف جثث
بلا ملامح
و من رصف كريّاتهم البيض
ملاجئ لروح تحجَّرت
و من ترديد أشعار المتنبّي
لكأنّك لا تُدركين حدود الوهم
و الأمنيات البعيدة
و لا تدركين ما حمَّلتك الأساطير
من شجن
و ما نثرت لك الخطاطيف
من جماجم الورد البابليّ
تعبوا ، إنانا ، تعبوا
فـلكِ الخلايا موزَّعة
على مشهدٍ مَيّتٍ للرافدين
لك اعتذارات بساتين سومر كلّها
عن الشبق الحرام
كي لا تغضبي علينا مرّة أخرى
وتمدّدي أطرافك طوفانا
و عواصف
فـلم نعد نحتمل
أن نرى الآبار
تفيض دمّــا
و لم تعد أوتار الرّبابة
مهيّأة لـتنغيم انحيازنا
لـلـبـكـاء
لـكأنّ وردة عينيك
لم تكتمل بعد
و لم ترتو
حتّى ترين يدي
و هي ترسم بالماء
ظلّين مختلفين
لنجمة شاردة
و تغزل من خيوط الطيف
شكلا أنيـقا
للجمجمات
……
إنـانـا ،
هل كان علينا
أن نهب الرّيح أشلاءنا
كي نحمي الورد
من تربة الوادي العقيم
و هل كان ينبغي
أن نكون الحلقة المفقودة
لنثبت للطبيعة
أنّنا أبناؤها الحلال
و قـد
شــرّدتـنـا
التـوابـيـت
و حـمّـلـتـنا
التـعـاويــذ
غربـة أخـرى
....
إنـانـا ،
ربّما يجيئنا الليل
من تناسل الأشباح
و هي ترتجف
ربّما يُمطّط الخوف
شـرايين طينـتنا
فـتَنْفلق
ربّما تكون الرّياح اللّواقح
أرجوحة النّـار
بين جمجمتين
أو ربّما تكونين أنتِ
نطفتنا القديمة و لكنّنا
نظلّ غيما
فنفتضّ من العمر
قطرته القادمة