قمر في البستان - طالب همّاش

صوتُ نايٍ في حجازِ الليلِ‏
أم أجراسُ موسيقا‏
وأكوازُ خريرٍ‏
وغمامْ.‏
أم غناءٌ (أبيضٌ) للهدهدِ الشاميِّ‏
في أسحارِ صوفيٍّ‏
بشهرِ الصومِ‏
يصعدُ سلّمَ الإنشادِ أُميّاً‏
ويلهو في سماواتِ الهزامْ؟‏
أم سلاطينُ من الحزنِ‏
يطلّونَ على الخمرةِ‏
واللَّيلُ قناديلُ من المسكِ‏
وأنفاس الخزامْ؟‏
فتعلّمْ أيُّها العاشق‏
أن تصغي إلى هذا المقامْ!‏
ستجيءُ امرأةٌ‏
تلبسُ قمصانَ الهديلِ البيضَ،‏
تُرخي شعرها الأسودَ‏
شلاّلَ حمامْ!‏
قمرٌ يسهرُ في البستانِ‏
فالديجورُ يجري شمعداناتٍ،‏
وأنهارَ شموعٍ‏
وكلامْ!‏
قمرٌ يغرقُ في بحرٍ من الحنّاءِ‏
في ديّارةِ الشهرِ الحرامْ!‏
فتعلّمْ أيُّها العاشقُ‏
إيقادَ الشموعْ!‏
وتعلّم أن تسمّي في غروبِ الشمس‏
أحزانَ اليسوعْ!‏
واسكبِ الخمرَ ولا تسألْ نديماً:‏
ما الذي يجعلُ أرواحَ السكارى‏
في هيامْ!؟‏
إنه السكرُ‏
حمامُ الليلِ في الشهوةِ‏
والحزن‏
وأمطارٌ من النرجسِ‏
في ليلةِ صيفٍ ذهبيهْ!‏
وأباريقُ من الفضّةِ‏
واللؤلؤِ والدّمعِ‏
وأجراسُ النبيذ الصدفيّهْ.‏
هوَ ما يجعلُ من ريحانةِ الروحِ‏
رياحينَ،‏
وما يجعلْ من بيّارةِ العشقِ‏
حساسينَ زجلْ.‏
فلتكنْ يا أيُّها الشاربُ ماءً‏
كي تشفَّ الخمرُ عن حزنكَ‏
فالعشاقُ يجرونَ ظماءً‏
حولَ نبع الكوثرِ الصافي‏
ويحسونَ نبيذاً، وقبلْ.‏
ولتكنْ يا أيُّها العاشقُ ناياً‏
يجعلُ اللَّيلَ فراديسَ أملْ!‏
فأنا أسكرني الليلُ‏
وأبكتني المواجيدُ‏
وأشجاني الهدلْ!‏
فاشربِ الخمرَ ولا تسألْ نديماً‏
ما الذي يجعلُ من دمعِ الأباريقِ‏
نوافيرَ بكاءٍ، وخزامى،‏
ودواوينَ غزلْ!‏
إنه السكرُ من الدنيا‏
التي تذهبُ بالعمرِ‏
ويحلو طعمها المرُّ ساعاتِ الأجلْ.‏