زمان شاغر للروح - طالب همّاش

ظمأٌ يعطشُ كالحنظلِ للمرِّ‏
وخمرٌ حامضةُ القطرةِ‏
تستعطفُ كأسَ الموتِ‏
والروحُ كأمّ ثاكلٍ‏
تبكي على هذي الحياةْ!‏
***‏
أيُّها الموتُ‏
هل الريحُ هي المختبرُ الحرُّ‏
لحزنِ الروحِ؟‏
أم رجعٌ رثائيٌّ لأجراسِ الفواتْ!؟‏
***‏
أم بكاءٌ ضائعُ المعنى‏
على تغريبةِ الدنيا المواتْ؟!‏
***‏
جالساً في ركنيَ المظلمِ كالذئبِ‏
أحاكي جملاً ناقصةً،‏
والأحرفُ العطشى تآليفٌ مقفّاةٌ‏
لأحزانِ الكماناتِ‏
التي ينزفُ منها الحزنُ كلَّ الكلماتْ!‏
***‏
جالساً مثلَ كمانٍ صامتٍ‏
قربَ ضريحي‏
أغمضُ الجفنَ على نأمةِ حبّ،‏
وأباكي زهرةَ الحبرِ‏
التي تذبلُ كالعادةِ في آخرةِ الليل،‏
وأصوات الحداةْ!‏
***‏
أيُّها الليلُ‏
هل الموتُ زمانٌ شاغرٌ للروحِ‏
في ساعةِ شيخوختها المرّةِ،‏
أم حزنُ النهاياتِ‏
التي تعبرُ شطآنَ المغيبْ؟!‏
***‏
أم كاتدرائيّةٌ مشنوقةُ الأجراسِ‏
في الآحادِ؟..‏
يرثيها حدادٌ غاربُ الأصداءِ‏
في يأسٍ‏
ويعلوها صليبْ!‏
***‏
أيُّها النائي الغريبْ!‏
***‏
لا مواويلَ تُصادي وحشةَ الأيامِ‏
في معتزلِ الليلِ،‏
وما النايُ سوى صوتٍ لتحريضِ النحيبْ!‏
***‏
وأنا في وحشتي‏
لستُ سوى مستوحشٍ‏
يقرعُ أجراسَ المغيبْ!‏
***‏
تهبطُ العزلةُ عمياءَ على الروحِ‏
ولا يهرمُ إلاَّ اليأسُ‏
في شرنقةِ الصمتِ..‏
غرابٌ آخرٌ والليلُ منأى الملكوتْ.‏
***‏
وأنا الصامتُ كالمصحفِ في حزنٍ أموتْ!‏
***‏
لكأني ناسكٌ لليلِ في محرابهِ المهجورِ‏
قلبي راضيٌ بالموتِ في سكرٍ حزينٍ‏
ومراثي وحشتي مشنوقةٌ‏
في مشهدِ الليلِ..‏
وآلامي مدلاّةٌ بشؤمٍ في رُهَابِ الكهنوتْ.‏
***‏
وكأني كاهنُ اليأسِ‏
الذي نصّبهُ الحزنُ شقيقاً للتماثيلِ‏
التي تلبسُ قمصانَ السكوتْ.‏
***‏
ظمأٌ يعطشُ كالحنظلِ للمرِّ‏
وحزنٌ (أسودٌ)‏
يرضعُ دمعَ البشرِ العزّلِ كالجرذانِ..‏
والليلُ لباسُ المفردينْ!‏
***‏
وأنا الداشرُ في بريّةِ الأيّامِ‏
أبتاعُ التقاويمَ التي خالفها الوقتُ‏
فشاختْ في ليالي اليائسينْ!‏
***‏
لكأنَّ الريحَ ليستْ غير‏
نشدانِ مزاميرِ المراثي،‏
والنواعيرَ التي تنهبُ وقتاً يائساً‏
غير لهاثِ الضائعينْ!‏
***‏
وأنا في ملكوتي‏
لستُ إلاَّ آدم المشنوق‏
في وقتِ غروبِ الشمس،‏
والراثي لحزنِ العالمينْ!‏