وردة للذئب - طالب همّاش

الانتحارُ الحرُّ بينَ ربابتينِ،‏
بكاءَ أغنيةٍ يلوّحُ عمرَهَا للقمحِ،‏
قلبٌ مقبلٌ من عتمةِ الدنيا‏
ليضاجعَ الرمانْ!‏
موالُ ثاكلةٍ على الزيتون،‏
أخدودُ الحياةِ الكهلُ،‏
جنحُ حنانها المجروحِ...‏
قافيةُ المواويلِ التي راحت‏
تلاطمها الرياحُ‏
على جذوعِ السنديانْ. /هو صوتنا المبحوحُ خلفَ الريحِ‏
مهباجُ الضياعِ المرُّ،‏
قدّيسُ الثلوجِ‏
وذئبُهَا المتروكُ إثماً ضائعاً‏
في وحشة الوديانْ.‏
يعوي ويرحلُ في قفارِ الأرضِ‏
تتبعهُ ذئابُ الحزنِ من جبلٍ إلى جبلٍ‏
وينبحُ في ظلامِ الليل بالخسرانْ!‏
ظلٌ يرامحُ في سوادِ الليلِ أشباح العواءِ،‏
ويختفي كالحزنِ في جسدِ المراثي‏
كلّما مرَّ الحداءُ على ضريحِ الأرضِ‏
يأتي خلسةً‏
ليضمَّ أرملةَ المواويلِ الجريحةَ‏
بعد غيبتهِ الطويلةِ‏
أو يخصِّلَ من جدائلِ شعرها السوداءِ‏
سنبلةً‏
لطفلتهِ التي شبّتْ على الأحزانْ.‏
وبكلّ أغنية ننادمُ صوتَهُ المجروحَ،‏
نلمحُ في المراثي ظلَّهُ المكسورَ‏
محنيّاً على قبرِ الضياعِ‏
ككتلةٍ منحوتةٍ للدمعِ والغفرانْ!‏
يا توأميْ ومسيحيَ المصلوب فوقَ‏
بداوة الصبّارِ!‏
لا قلبٌ يدقُّ على وجيبكَ‏
خلفَ هذا السور..‏
لا امرأةٌ تحوكُ‏
على أنينكَ‏
ضلعَهَا المكسورَ،‏
لا ريحٌ تكرّرُ روحها‏
إلا على جذعِ الحدا والانتظارْ.‏
لا شيءَ غيرُ الريحِ‏
تشنقُ في البراري خصلةَ الحزنِ البريئةَ،‏
والشحوبُ المرُّ في وجهِ القفارْ.‏
وأصابعٌ مغمورةٌ بالرملِ‏
ترفعُ وردةَ الندمِ الأخيرةَ‏
بين أنقاضِ الشقاءْ!‏
لا شيءَ في هذا المكان سوى‏
قصاصاتِ الخريفِ‏
تهيمُ في أفقٍ حزينٍ‏
ثم تهوي كالتوائمِ‏
فوق قمصانِ العماءْ.‏
لا شيءَ في هذا السوادِ سوى صدى‏
طاحونةٍ خرساءَ خلف الحرشِ‏
توقظُ بالعويلِ مرارةَ الطيونِ في سفحِ من الهجرانْ.‏
وعقابُ أيامٍ‏
يكرّرها غرابٌ جارحٌ عندَ الغيابِ‏
مبدّداً بسوادهِ أميَّةَ الصوانْ.‏
فارفعْ عواءكَ في جهاتِ الأرضِ!‏
لن تبكي عليكَ غزالةٌ‏
لتصيرَ أيّوباً على الأيامِ‏
بل ستموتُ وحدكَ في شتاءٍ ماطرٍ، ناءٍ‏
كما فزاعة للحزنِ‏
مصلوباً على بوابة البستانْ.‏
لكنني في وحدتي يرتابُ بي ظلّي‏
فيرفعني إلى أحجيّةِ الجدرانِ ظلاً خائفاً‏
يبكي على قمرِ الأقاصي‏
مثل ذئبٍ نابحٍ في وحشةِ الوديانْ.‏