فصل انتحاري الطويل - طالب همّاش

رياحُ الشمالِ الحزينةُ فوق النواعيرِ،‏
والحورُ يهدلُ فوق أعالي الفراقِ‏
وصوتُ ربابٍ جريحٍ يبحُّ.‏
وذئبٌ وحيدٌ يدقُّ على طبلةِ الأرضِ‏
رجعَ أغاني الوداعِ‏
ويقفو إناثَ المواويلِ‏
معتمراً يأسَهُ البدويّ على العمرِ‏
والعمرُ رمحُ.‏
يهادلُ مثلَ شحاريرَ من ندمٍ‏
قمراً غارقاً بالكآبة في جسدِ الليلِ‏
يا قمرَ الليلِ‏
يدفعني النايُ‏
أجري وراءَ انتظاريَ‏
والريحُ تدفعني لأكرّرَ في الريحِ‏
فصلَ انتحاري الطويلَ‏
فكلُّ نصيبي من الدهرِ ردحٌ‏
وكل نصيبي من الحسنِ قبحُ.‏
فكيفَ أعودُ إلى جسديْ؟‏
لأتاخمَ تلك القرى،‏
وأسرّحَ صوتي على النهرِ،‏
كيفَ ولا وردة تتورَّدُ في الروح،‏
لا خمرة‏
لتصدّقَ أنيَ أصحو؟‏
دمي شتلةُ الدمعِ مابينَ كأسينِ‏
تحصدها النشوةُ البكرُ‏
لكنني والغيومُ تسابقُ شَعْرَ الأنوثةِ‏
فوقَ الحواكيرِ‏
أبصرُ كرَّامةَ العشقِ‏
واقفةً في المهبِّ الحزينِ‏
تشيرُ إلى شمسها في أعالي الغروبْ.‏
فأبصرُ تلكَ الصبيّةَ‏
موغلةً في ضبابِ الخريفِ‏
بأجملِ قمصانها‏
بينما شعرُهَا هائمٌ كالسحابِ‏
على نفسهِ في الجنوبْ.‏
تَزَيَّنَ للحبِّ مثل صبايا الأغاريدِ‏
ثم استخارَ‏
فلمْ ينتبهْ طائرٌ واحدٌ‏
لحفيفِ الحرائرِ في شَعْرها المتناثرِ‏
وهو يموّجُ أشعارَهُ في الهبوبْ.‏
كأنَّ حياةَ المحبيّنَ‏
صارتْ خريفاً من العمرِ،‏
والعاشقين استحالوا نصوبْ.‏