قمحٌ وهديل - طالب همّاش

أينما تذهبينَ‏
سيذهبُ خلفكِ حزني‏
ويتبعكِ النايُ نايُ البكاءِ الطويلْ!‏
كأنكِ أغنيةٌ لا يفارقها الحزنُ،‏
بُحةُ أيلولَ في ورقِ التينِ،‏
طيرٌ يفتّشُ عن عشِّهِ‏
في شمالِ النخيلْ!‏
فغمِّي على صدرِ قيثارةٍ؛‏
لأموتَ قليلاً وأحيا!‏
أما كانَ يمكنُ أن نتباكى على بعضنا‏
قبلَ حزنِ الحساسينِ في شجرِ التوتِ؟‏
هذا خريفٌ أخيرٌ‏
سنذهبُ منفردينِ!‏
أما كانَ يمكنُ أن نتعايشَ‏
قربَ غديرٍ صغير‏
كفرخيْ حمامٍ‏
يحبَّانِ في القمحِ صوتَ الهديلْ؟‏
ونمضي حبيبينِ عندَ الغروبِ‏
يضمَّانِ بعضهما‏
ويسيرانِ في شارعِ العمرِ منكسرينِ‏
وقد جَمَّ غيمُ الرحيلْ.‏
أما كانَ يمكنُ أن أتعايشَ قربَ‏
جدائلِ شعركِ‏
مثل سنونو يرفرفُ بالحبِّ عند الأصيلْ؟‏
فليتكِ كنتِ حماميَّةً‏
لتكشِّي عن الدارِ رفَّ الدواريْ!‏
ويا ليتني بلبلٌ‏
لأعيشَ على شَلْحَةِ الفلِّ قربَ سريركِ‏
وهو يهدهدُ رَيْحَانَهُ في البراريْ!‏
ويا ليتني نسمةٌ‏
لأهفَّ على ثوبِ عرسكِ‏
كيما تغاري!‏
وأبني على شجرِ البنِّ صبحاً لحبّكِ‏
في الحزنِ يحبسُ خاتمُ حبكِ قلبي،‏
ويتركني شارداً كالفراشةِ‏
حولَ سراجِ النهارِ.‏
ونبقى حنونينِ، ملتفتينِ إلى بعضنا،‏
وغريبينِ يتبعنا النايُ‏
من دارِ منفى الحياة‏
لمنفى الديارِ.‏
فيا ليتَ كنا صغيرينِ‏
في أولِ العمرِ‏
نرعى الحماماتِ فوقَ سطوحِ البيوتِ‏
بريئينِ من دونِ حزنٍ‏
نلاهي بأيامنا لعبَ الحبِّ بين الدفاترِ‏
نركضُ خلفَ الغيومِ‏
لنسبقَ أغنيةَ الانتظارِ.‏
***‏
أينما تذهبينَ سيذهبُ خلفكِ‏
نايُ الحنانِ الحزينْ.‏
فغطِّي هلالَ العراقِ بمنديلك البدويِّ!‏
لأبكي قليلاً على صدرِ طيّونةٍ،‏
وأودعَ قبرَ الحسينْ.‏