ريشة الغراب - أدونيس

1
آتٍ بلا زهر ولا حقولْ
آتٍ بلا فصولْ ؛
لا شيءَ لي في الرّمل في الرّياحْ
في روعة الصَباحْ
إلا دَمٌ فتيٌ
يجري مع السماءْ
والأرض في جبينيّ النبيّ
رَفُّ عصافيرٍ بلا انتهاءْ.
..
آتٍ بلا زهرٍ ولا حقول
وفي دمي نبعٌ من الغبارْ؛
أعيش في عينيّ
آكل من عينيّ -
أحيا ، أسوقُ العمرَ في انتظار
سفينةٍ تعانق الوجودْ
تغوص للقرارْ
كأنها تحلمُ أو تحارْ
كأنها تمضي ولا تعودْ.
2
في سَرَطان الصّمتِ في الحصارْ
أكتب أشعاري على الترابِ
بريشة الغراب،
أعرف، لا ضوءَ على جفوني -
لا شيءَ ، إلا حكمةُ الغُبارْ
أجلس في المقهى مع النهارْ
مع خشب الكُرسي
وَعِقب اللُّفافةِ المرمي
أجلس في انتظار
موعديَ المنسيّ.
3
أريدُ أن أجثوَ أن أصلّي
للبومة المكسورة الجناحْ
للجمر للرياحْ،
أريد أن أصلّي
للكوكب المشدوه في السماء
للموت للوباءْ،
أريد أن أحرقَ في بخوري
أياميَ البيضَ وأغنياتي
ودفتري والحِبر والدواةْ
أريدُ أن أصلّي
لأيِّ شيء يجهل الصلاةْ.
4
بيروتُ لم تظهر على طريقي
بيروتُ لم تُزهرْ وها حقولي
بيروتُ لم تُثْمِرْ
وها ربيعُ الجراد والرمل على حقولي،
وحدي بلا زهرٍ ولا فُصولِ
وحدي مع الثمارْ
من مغرب الشمس إلى ضُحاها
أعبر بيروتَ ولا أراها
أسكن بيروت ولا أراها...
وحدي أنا والحبّ والثمارْ
نمضي مع النهارْ
نمضي إلى سواها.