مجنونك - بيان الصفدي

المجنون الذي سار سنوات على الرمل
المجنون الذي لا يوقفة برد ولا هجير
ولا عواصف
ولا ذئاب
ولا قاطعو طريق
المجنون الواقف تحت الشمس
تحت المطر
بلا ماء .. ولا زاد
هو مجنونك الذي يقف منذ...
لا يدري تماماً
تحت نافذتك المفتوحة على الليل
لتجعل نجومه
تتساقط علي
مجنونك الذي ظن أنه غاب
الذي سلم أمره للريح
و قبض على الهباء
مجنونك الذي يضرب في التيه
مجنونك الذي عدت ِ
لتعيديه من جديد
لتلمسي صخوره
فتورق دموعاً و كلمات
لتلمسي ترابه
فتحوِّليه إلى لهب
لتلمسي رماله
فتجعليها يواقيت
لترفعي سماءه
فتمرّ الغيوم تحت قدميه
مجنونك الذي يعيشك ويموتك
ثم لا يموت ولا يحيا
مجنونك الذي يراك
تزرعين ترابه بالبروق
تحاصرين غاباته بالحرائق
تجمعين كنوزه باللمس و الهمس و الأنفاس
مجنونك الذي ينقل أصابعه عليك
أنت الناي الذي يصيح
فتأتي العصافير لتشرب من ثقوبه
لترتاح في عينين من بحر وشفق
في كفين من ريش نعام
في شفتين من توت وعنب
في ساقين من ماء الورد
في صدر من أبراج الجنه
في عطر
لا يهب نحوي
إلا أيقظ في طريقه الميتين
مجنونك الذي يقف أمامك كالجندي
ليتلقى الأوامر
بالموت
والحياه
في كل يوم تخلقين معجزه
تمشين على الجمر والزجاج
تمشين على القلب
تمشين على الماء
فلا يغرق سواي
أنا قلعتك التي تتهاوى حجراً إثر حجر
أنا سورك الذي تدكـُّه القبل والأغاني
أنا مدينتك البعيده
شوارعك
أثوابك
شموعك
قهوتك
قصاصاتك
حقيبة يدك
شالك و معطفك
حلواك ونبيذك
كأسك
قطتك البيضاء
لحافك
كرسيك
أنا بيتك الذي يسكن في قلبي
ثلجك يتساقط حولي
يكللني مثل طفل الحكايات
يدحرجني أمامه
لأكبر .. و أكبر
حتى أتبعثر على جذع شجرتك
أزنـِّرك بالقبل
أغسلك بأنفاسي
أعجن أرضي بسمائك
أصب زيتي على نارك .. و أتدفأ
أمشي على جمرك .. و أتطاير
أمخر في بحرك .. و أتموَّج
أُغِير عليك
فتهربين إليّ
أنهب قوافلك
أفتح خزائنك و أنثرها
حتى تعبق الصحراء
بالمسك
أتسلـَّقك بخطاطيف روحي
أعلو إليك لتبتعد هاويتي