صُورَة جماعِيَّة لِشَخْصٍ وَاحِد - حكمت حسن جمعة

هي الصُّقورُ عَلى أَسمائِنا تَقِفُ
فكُلُّ حَرْفٍ لها أُفْقٌ وينعطِفُ

غَفَتْ على الحائِطِ المَنْسِيَّ صُورَتُنا
و بَوْحُهَا مِنْ زَوَايا الخَوْفِ يُخْتَطَفُ

سَلِيْ مَلامِحَ وَجْهِي كَمْ أنا تَعِبٌ
كَمْ يَفْضَحُ البَحْرَ مَا قد يَهْمِسُ الصَّدَفُ

مَغَاوِرٌ وَكُهُوفٌ فِيَّ مُعْتِمَةٌ
تَلُمُّ شَمْلَ جِراحِي حِيْن تَخْتَلِفُ

لا وَجْهَ أَلمَحُ في المِرآةِ يُشْبِهُنِيْ
حَتَّى مَلامِحُهُ بِالكَادِ تُكْتَشَفُ

وُجُوهُنا في مَرايا الماءِ رَاجِفَةٌ
ولَيْلُنا في شُرودِ العَيْنِ يُنْتَصَفُ

كَم عَمَّدَتْنا لِعَيْنِ الدَّهْرِ مِقْصَلَةٌ
أَدراجُها مِنْ نَزِيْفِ القَلْبِ تَغْتَرِفُ

كلُّ الكُؤُوسِ الّتي كانتْ لنا امْتَلأَتْ
بِلَثْمَةٍ مِنْ شِفَاهِ البُعْدِ تُرْتَشَفُ

* * *

سَفائِني كُلُّ سَارٍ سارَ في جِهَةٍ
وَكُلُّ مِجْدافِ يَأسٍ في المدى وَرِفُ

وَصِرْتُ أَبْعَدَ ممَّا يَشْتهي زَمَنٌ
في ساعَةٍ عَقْرَباها الحُزْنُ وَالأَسَفُ

ولم يَصِلْ بَعْضُ صَوْتٍ غَيْرُ زَقْزَقَةٍِ
لمِفْصَلٍ كانَ بابُ القَلْبِ يَرْتَجِفُ

أشياؤُنا كَمْ نَسِيناها عَلى عَجَلٍ
إِذْ يَهْرُبُ العُمْرُ مِنَّا وَاللُّقا صُدَفُ

أَمْضِي وَزَوَّادَتي تَهْوِيْ مُعَلَّقَةً
عَلَىْ عَصَاً وَذِرَاعِيْ خَارَ وَالكَتِفُ

مَاذَا يَسِيْلُ عَلَى حَرْفَيْنِ مِنْ لُغَتِي
لَوْ أَنَّ رُوْحِيْ لِنَبَّالِ الهَوَىْ هَدَفُ؟!!

أَهْوِيْ كَأَنَّي انْتِمَاءٌ لِلْخَرِيْفِ وَمَا
في خَافِقِيْ غَيْرُ مَا مِنْ رُوْحِهِمْ نَزَفُوا

غَدَاً أَمُرُّ عَلَى قَبْرِيْ لأُِوْقِظَني
أُمْلِيْ عَلَيَّ احْتِرَاقَاتيْ وَ أَنْصَرِفُ

كُلُّ الجِهَاتِ إِذَا مَا هِمْتُ خَائِنَةٌ
قَلْبي نَخِيْلٌ غَرِيْبٌ وَالسَّمَا سَعَفُ

أَسْمَاؤُنا عِطْرُها المسْفُوحُ يَسْرِقُنَا
كَوَرْدَة ٍ..مِنْ جَحِيم القَلْبِ تُقْتَطَفُ

كَمْ فَجَّر الأَرْضَ حُبٌّ أَعْيُناً وَدَمَاً
رَحِيْقُهُ راح للأَسْرارِ يَعْتَرِفُ

* * *

كُلُّ الحُرُوفِ وَقَدْ نَاخَتْ عَلى رُكَبٍ
أَبْقى هُنا.. وَاقِفَاً وَحْدِي.. أَنَا الأَلِفُ