مارسيلين العصر النيتروني - رياض الصالح الحسين

في عصر الحب البلاستيكي و القلوب البلاستيكية
ثمة قطارات تذهب بالجنود إلى الموت في الأعياد
و ثمة مهرجون يبكون على أنفسهم سرًّا
و يُضحكون الآخرين على الحلبة
في عصر المدافئ الغازية و الاختناق بالغاز
أشم أصابع حبيبتي
و أشرب ذكرياتها البليدة
هذه الفتاة تثرثر كثيرًا عن الحقول
و تجمع صور الأطفال
كهاوية طوابع محترفة
حتى أنها لا تستطيع أن تقتنع
بأن الأمهات سيكففن عن الإنجاب
لأننا نعيش في العصر النيتروني
***
إننا نعيش في العصر النيتروني
عصر القبلات السريعة في الشوارع
و الإندحار الفادح في الشوارع أيضًا
إننا نعيش عصرنا الضاري
عصر الجواسيس الذين يقدمون لك القهوة
مع المورفين
عصر الطائرات التي تطعم البشر القنابل
و الألعاب
إنه عصرنا النيتروني
عصر الأحذية المثقوبة و الكلابات
عصر التعب البطيء
من الساعة (صفر) حتى الساعة الخامسة و العشرين
و من عصرنا النيتروني
عصرنا ما قبل الأخير
ندعوكم: تعالوا..
أيها البرجوازيون التعساء
تعالوا و شاركونا النحيب و السجون و الأغاني
***
و هنالك قيد واحد و هناك أغانٍ تترية
و هنالك أسرّة بعدد العشاق
و توابيت بعدد اللصوص
و هنا.. هنا
رجل معتم و امرأة معتمة و سبعة عيدان من الكبريت
عود كبريت واحد يكفي:
لإضاءة شمعة
أم لتفجير مدينة؟
عود كبريت واحد يكفي:
لتحضير كأسين من الشاي
أم لتحضير محرقة للملحدين؟
عود كبريت واحد يكفي:
لتنظيف الأسنان
أم لإخفاء معالم جثة مغتصبة؟
و هنا.. هنا
حتى الموتى يمكن أن يتألموا
و حتى الموتى يمكن أن يتقنوا الرقص
و حتى الموتى يمكن أن يتلوثوا
إننا ملوّثون للغاية
ملوّثون بالحروب و ملوّثون بالمجاعات
نحن الموتى الموسميون:
شراييننا محقونة بالضجيج و مقابرها
محقونة بالدخان.
نحن العشاق الموسميون:
قلوبنا ملطخة بالأرق و ليالينا ملطخة بالآهات
***
نحن العمال الموسميون:
مرهقون دائمًا و ليس أبدًا
مرهقون منذ الأهرامات و حتى جوهرة
بوكاسا الفريدة
***
في عصر الرؤوس المفلطحة
و مصانع الحب التكنيكي
و أرغفة الجوع الفاتك
في زمننا الحقيقي الاسطوري هذا
نخرج إليكم.. نخرج إليكم
لا من القبور و لا من المحيطات
لا من الكتب و لا من الجدران
نخرج إليكم.. نخرج إليكم
و بأيدينا كل شيء..
بأيدينا القمصان الملطخة بالزيوت و الطين
بأيدينا مساحيق الـ د. د. ت
شفرات الناسيت الحادة
انتظارنا العادل و دساتيركم البارعة
نخرج إليكم.. نخرج إليكم
لسنا أشرارًا و لا مهذبين
لا نحب العنف و لا نكره الطيور
و أجسادنا تفوح دائمًا برائحة المعادن و اليانسون
نخرج إليكم.. نخرج إليكم
بشرفاتنا و أيامنا التي تتساقط كالذباب
بزمننا المعطوب
ببيوتنا المعطوبة
بأجسادنا المعطوبة
بأحلامنا المعطوبة و فاكهتنا المعطوبة
نخرج إليكم.. نخرج إليكم
نحن مواطنو العصر النيتروني
عصر الرؤوس المزروعة بالألغام
و القلوب الطافحة بالأغاني
***
إنه عصرنا النيتروني
عصر المساطر و المراثي و الدبابات
إنه عصرنا النيتروني
عصر الشجر النووي و العصافير النازية
و الإذاعات و عصر المواعيد الفتية:
مع المدافن نهار السبت
مع الحزن نهار الأحد
مع الخنازير نهار الاثنين
مع الجنون نهار الثلاثاء
مع الرشيشات نهار الأربعاء
و مع الموت الوسيم
إنه عصر المواعيد الفتية الخائفة في جميع الليالي
و في جميع الليالي
في جميع الليالي
لكِ موعد مع قلبي.