شجون عاتية - ريان عبدالرزاق الشققي

تأتي وتهمس في ثنايا ظلمتي
وتذوب خلف سوادها وتبين

وتعود بعد غيابها فتانة
ترنو إليها والعيون ظنون

وتقطب السيفِ الجميلِ بوجهها
وكأن بين الحاجبين شجون

فالنظرة النجلاء تتلو سفرها
يا سر مالك في القلوب سجين

والشعر صافحه النقا لون الدجى
فيصونه لمعانه ويصون

يا قلب حسبك فالهوى متغلغل
بين الضلوع براعم وغصون

نبض الفؤاد يهيم في لفتاتها
وشغافه كقراره مفتون

وبلهفةٍ ألقى شعاعَ بريقها
إني بسحر الناظريْن رهين

زهر وعطر خميلة تهفو لها
مياسة والثوب فيه فتون

يرتادني عند اللقا شهد اللمى
ينتابني بعد الفراق حنين

بالهمسة الملساء أخبرها الوفا
وبأنني رحب الجَنان حنون

وبلمسةٍ أحكي بقايا قصتي
والعهد عندي ثابت وحصين

ورحلتُ خلف ضلوعها كمرانة
والنحر فيها بالعطاء ضنين

عاتبتها والبوح ليس وسيلتي
يا حب عمري والصفاء عيون

ساءلتها كيف السبيل لدربنا
كيف الرجوع وفيه كيف نكون

يا هل ترى في القادمات مودة
تحنو على عين الحبيب جفون

هذا فؤادي والغيوم سوابح
ترتاح عبر حقولها وتلين

رافقتها خلف السواحل تارة
والوقت يسرق وقتنا ويخون

هل يا ترى باع الزمان مآلنا
أم يا ترى للنائمين يهون

يا ليتني أزف البعاد وشئته
وتواكب النسيان فهو سفين

وبدا الخيال يحوم في أطرافها
لكأنه عند المغيب سنونو

وبكت بجوف الليل يسمعها المدى
والليل في شجن الحبيب يحين

لم تبكِ في التاريخ مثل حبيبتي
سحبٌ ولا في القادمين حزين

وتناثرت فوق الأثير حروفها
عبراتها مدرارة وهتون

كلماتها كالسيل يجرف بعضه
والسيل من بعد السكون سكون

قالت ونور الوجد يسرق وهجها
دمعي لعهدكَ حافظٌ مكنون

لا لن أعود كما رغبتَ فإنني
في غير أقطار السبيل أبين

غيّرتُ طوقي بعد سورك وانتهى
ليت المراد كما تريد تكون