حالات الشعراء - سمر علوش

انعكاس
في هدأة وَجْدٍ
تتأمَّلُ شاعرةٌ نجماً،
تكتبُ:
أحسبه ينقش لوعَتَه في لوحِ الليلِ
بحبر اليأسْ.
ويجرّب أن يتنزّلَ في شرفات العتمة
كيما يحرسَ مثل ملاكٍ
آخر عنقود في كرم الهمسْ.
وكأنَّ بريقَ الفضَّةِ في هالتهِ
بوحُ رسائلهِ
في الغربة للأحبابْ.
وتحاول تفسيرَ الومضات المتقطّعةِ
بسهرتهِ
فتَظنُّ الليلَ نَفَاهُ
بعيداً عن بلد الأنوارِ
وغلَّقَ دون خطاه البابْ.
وهناكَ،
على شبَّاكِ الغيمِ،
يودُّ النجمُ دخولَ الشاعرةِ السهرانةِ غرفتَها
كي يقرأَ نورَ قصائدهِ
ويغازلَ نجمتَهُ في الوقت الباقي
قبل شروق الشمسْ.
* * *
تحليق
يطول عتابُ شاعرةٍ
لذكرى أشعلت نيرانها
في عتمةِ المنفى.
يطول عتابُها
فتجرب الصحو الخفيف
على سياج الليلِ
تحلم أن تشاغله بما تبديه
من قلقٍ
ليغفل سرُّهُ عن باب ما أخفى.
وتغمرُ ريشة الحزن الشفيفِ
بغيمةٍ من جرحها،
من ثم تُغري رغبةَ الدّمعاتِ
في سهراتها
بالرّحلة الأَطولْ.
تُشكِّلُ لوحةَ الوقتِ الثَّقيلِ
بلونِ غربتها،
وترصفُ شِعرها بأنينها،
والليلُ لا يخجلْ.
وحين تريدُ أن تهدي السماءَ
جناحَ صبوتها
يطول عتابُها لسياج غفوتها،
وتهوي كالفراشةِ
فوق شمعة حلمها الأَصفى.
* * *
إرث
الشاعرُ حين يقلّب سِفرَ الماءْ.
لا بدَّ سينكشف السرُّ الأبديُّ
ويدركُ معنى المعنى
في كل الأسماءْ.
لابدَّ سيعرفُ
فيما يعرفُ
أنَّ الغيمَ عجوزٌ
ملءَ الروح حزينْ.
والبحرَ أبٌ
للنهر القادم من ذكرى وحنينْ.
وسيترك إرثاً من أبراج الدمعِ
وبعضَ حروفٍ
نقَّطها بشفيفِ بكاءْ.
* * *
احتراق
يقرأ الشاعرُ في الليلِ
مصابيحاً تَشفُّ.
فيسوق الغيمَ
كي تهدي جرارُ الماءِ
للأشجار أفراحاً
كما خمرٍ تُدارُ.
ويربِّي الريحَ بين الناسِ
كي تغدو صديقاً
للغصون النُّضرِ
تحنو وتغارُ.
فترى الدنيا على أشعارهِ قَدَّاً يميسُ.
والأغاني راقصاتٌ، والشموسُ.
وحده الشاعرُ بين الدمع يغفو.
وحده الحزنُ
على أيَّامه طيرٌ يرفُّ.
* * * *