متكبرة - طلعت سفر

أضحتْ لـه غيرَ ما أضحى... وقد سكنَتْ
أوقاتَه... وأزاحتْ كلّ ذي نسَمِ
تطفو على راحة النعمى وسادتُها
وليلُهُ غارق في السهد... والسّقم
تغازل الأفقَ عيناها... وجبهتُها
لا تستحبّ سوى التحليق في القمم
إذا مشت... لم تُدِرْ جفناً ولا عنقاً
لكنْ تدير رؤوسَ الناسِ... كلّهمِ
كأنّ رسمَ خطاها... كلما درجَتْ
على الثرى... (قُبَلٌ مرسومةٌ بفمِ)
تروي النسيماتُ عن أطياب مفرقها
أحلى الحكايات... للشطآن والأَكَمِ
ألقى به الشوق... في أحضان فتنتها
كأنه مغمضٌ... أو موثقُ القدم
إذا أعارتْهُ يوماً طرفَ أعينها
أعارَها ليلَ عينيهِ... ولم ينمِ
وإن شكاها لها... مما يعّذبه
ألقت لـه الصمتَ... واستغنَتْ عن الكلمِ
حديثُ عينيه... دمعٌ يستعين به
وتستعين على شكواهُ... بالصمّم
سَرَتْ بهدأته كالبرق... تاركة
قلباً مُدمّى... وجرحاً غيرَ ملتئم
***
جاءتْ... وقد نفضَتْ عنها مخاوفَها
وهدّمت كلّ ما اعتادتْ من (القيَمِ)
أكان في جنباتِ الصدر... لائمةٌ
وراودَتْها على أمرٍ... فلم تَلُمِ؟‍!
أم أنها... لم تعدْ تلك التي سكنَتْ
جبينَها الشمسُ... من زهْوٍ ومن شمم؟!
لا خوف يسرق نجواها... ولا حذرٌ
ينأى بها... عن دروب الشك والتُّهم
أغضى الحياءُ... وعين الكِبْرِ نائمةٌ
عن (المحاريب) و(الأقداس) و(الحُرُم)
مثلَ اللآلئ... من أصدافها انجردَتْ
مختارةً... وانبرتْ تنهلُّ كالدّيم
ألقتْ بما فعلَتْ... مفتاحَ جنّتِها
لعاشق في مدارات الهوى... نَهِم
كأنها لم تُدِرِْ يوماً... لذي كلفٍ
نعمى الخدود... ولم تتركْ فماً... لفمِ
ولا صبا ناهداها قبلُ... وارتحلا
على جناح الغوى... والقلبُ لم يهم
أدارها برياح العشق... فارتعشت
كنورسٍ... تاه في بحرٍ من الظلم
تبعثرتْ كندى الاصباح... وانسفحتْ
على شفاه الهوى المحموم... كالنّغم
هامت مراكُبها نشوى... فخاض بها
حتى الضفافِ بلا خوفٍ... ولا ندم
سلا بها كلّ ما عانى... فقد خلعَتْ
عليه من أنسها... فيضاً من النّعم
لم يلقَ حين صحا... إلا وسادتَهُ
تبكي عليه...
وأشلاءً من الحلم
*
10 ـ 8 ـ 2001