سـرقتُ عـينيك - طلعت سفر

ألليلُ.. ينبشُ أوجاعي على مهلٍ
ويُشعل الحزنَ في عينيَّ... والأرقا
موانئ الخوف... في الأجفانِ مشرعةٌ
يظل ينشُرُ في أرجائها القلقا...
بين الصخور... مجاذيفٌ مكسّرة
بها تلاعب موج... كيفما اتفقا
كأنّما أنا ملقى فوق صهوتهِ
يغدو.. ويذهب بي غضبانَ... مصطفِقا
أنت الشراع لقلبي في متاهتهِ
إني أخافُ عليه بعدك الغرقا
أشرقْتِ يا شمسَ أيامي التي التَهَبَتْ
بنظرةٍ أشعلتْ من حوليَ الأُفقا
وهمسةٍ كالشذى تنساب دافئةً
حملت منها بقلبي... طائراً نَزِقا
كم هدهدتْ حُلماً عذباً... وأُمنيةً!
وكم رسمتُ على لألائها... شفقا!!
أَوْكَلْتِني لخريف الهجر...
يعصِفُ بي
فلم تدعْ ريحه غصْناً ... ولا وَرَقا
جُنَّتْ بصدريَ آهاتي... وقد أَكَلَتْ
سودُ الليالي... غِرارَ النوم... والحَدَقا
بيني وبينكِ... ما لا أستطيع به
أن أُسكتَ الهم... أو أن أُرضيَ القلقا
تَمدَّدَ الهجرُ مرتاحاً... وأسلمني
إليه.. من كان للأحزانِ... مُرْتَفَقا
أُدلّل العين.. إن ناغاكِ ناظرها
كأنّ كنزاً على أهدابِها.. علِقا"
لا تتركيني لكفِ الريح... تحملني
إلى البحار... وتذروني بها... مِزَقا
أريد عينيكِ.. نيساني وكوكبتي
كيف التفتْ... رأيتُ الزهر... والألقا
إذا تبسّمتِ... أَدْلَى الشوق نافذةً
ولاح طيفُ المنى المحزونُ ... مؤتلقا
أعلنتُ حبّكِ.. لاكانَ الهوى أبداً
إن لم يكن يملأُ الساحاتِ والطرقا
رفعتُ رايته في كل مفترقٍ
حتى يراهُ عَلّياً... كلُّ من عَشِقا
يانور عيني... وياوعداً على شفتي
إني أعيشكِ حلْماً أخضراً.. عبِقا
لو تعلمين الذي ألقى...بكيتِ على
هذا الفؤاد الذي أغلاكِ... فاحترقا
ولو على الشط قلبي... كنتُ أُمسكه
عن بحر عينيكِ... لكني أرى غَرِقا
شمس الحنان تناءتْ عنه غاربةً
فالهجر يزرع في أرجائه الغَسَقا
لم يُبْقِ منه الهوى من طول ما لعبتْ
به لياليه... إلا الوجدَ... والحُرَقا
فراح يطفُرُ... مجنوناً بصبوتهِ
كأن في جانبيه الطيش والنَّزَقا
إن رفَّ يوماً ففي عينيكِ طائرُهُ
وفي سمائِهما الخضراءِ... إن خَفَقا
إذا دجا الليل...
صبَّ السهدُ خمرتَهُ
وراح يمهَدُ في عينيّ... مُغْتَبَقا
كؤوسُهُ... من ضلوع الليل...
دائرةٌ
ومن نعاسِ عيوني يسكب العَرَقا
تعوّد الجفنُ إن يلقاه من زمن
ضَيْفاً... إذا كَذَبْتُ سُمّارُهُ صَدَقا
حملتُ عينيكِ... في قلبي...
سَرقتهما
يوم الوداع... وهل يرتاح من سرقا؟!!