وجه - طلعت سفر

فاضت به عينُ الطريق... كدمعة
محبوسة... ألقتْ بها الحسَراتُ
وجه... أقام به الشقاءُ جسورَه
كي تعبر الأحداثُ... والنكبات
وخطا السنين الذاهبات تراكضت
فوق الجبين... كأنها عرَبات
هدأتْ به النعمى... ونامت نَضْرَةٌ
كانت بها تتلألأ القسمات
أرسى به اليأسُ المقامَ... وجرَّحتْ
أعتابَه بصهيلها الأوقات
تركتْ بساحته مساحبَ لهوها
حتى بدا وكأنه مأساة
شفتان من نَسْج الرماد... وناهدٌ
ألقتْهُ خاف تخومها الصَّبَوات
وبنظرةٍ.. نفَض الزمانُ غباره
ومشتْ على أقدامها السنوات
هذي العيون الذاهلات.. عرفتها
كم عانقتْ أهدابَها النظرات!!
وكم استمال العاشقون ودادَها
بصلاتهم... واعتلَّتِ الصلوات!!
كم سافر القلبُ الشقي بسحرها
وتوشحتْ بعبيرها النبضات!!
قد كان للحسن الأمير... وللصبا
مرح بها... وأنامل عطرات
لفتَاتُها.. تُصْبي القلوبَ ملاحةً
وعلى الشفاه.. تسافر البسمات
أرنو... فيرسمني الصفاء.. كأنما
في كل خدٍ مترفٍ... مرآة
نامت عيون الأمنيات... وودعت
أحلى مواعيد الهوى... الطرقات
لم يبق حزنٌ... لم يخطَّ بوجهها
سطراً.. وناحت فوقه الكلمات
تركتْهُ أقلامُ السنين... كأنما
تعب الزمان... وضاقت الصفحات
***
يا وردة بيد الخريف... لقد مضى
نيسان... وانطفأتْ بك الرغبات!!
فتناثري بيد المشيب... فعنده
يندى الأسى... وتولْوِلُ العبرات
ضاقت سماؤك... والغيوم حزينة
فيها... وقد نشفتْ بها القطرات
لم يبق غير صدىً يجلجل... كلما
طافت بنا أيامنا المرحات
سرق الزمان الضوءَ من أفراحنا
ومضت بكل جنونها السهرات
هدأت أراجيح الغواية والصبا
وسرت كما تهوى بنا الرعشات
يا أيها الوجه المُطَفَّأُ... كم على
هذي الخدود... تنزَّلَتْ آيات!!!
فامسحْ ذيولَ الانكسار...
بوجنةٍ
كانت...
تصفق فوقها الرايات
*
3 ـ 5 ـ 2001