ضفائر جدتي - طلعت سفر

تبكين موتَ الأماني؟‏
أم هي العِللُ؟!‏
أم أنَّ في القلب جرحاً ليس يندملُ؟‏
ما هدهدت شفةُ التذكار...‏
خاطرةً‏
إلا... وراحت دموع العين تنهمل‏
لا دمعَ يكسو صباباتٍ...‏
ولا شجنٌ‏
حيث الفتون بقايا... والصبا طلل‏
ألمْ يلمَّ الصبا الهاني...‏
عباءته‏
وودّع الهمسَ... والإغراءَ مكتحلُ؟‏
كأنما نحن للأيام...‏
بُغيتُها‏
فلا التمائم تُغنينا... ولا الحِيَلُ...‏
هو الشباب مَلولٌ‏
رغم أُلفته‏
يزورنا بعض حين... ثمَّ يرتحل‏
غداً...‏
نلمّ حكايانا... وبعد غدٍ‏
يرمي الزمانُ أغانينا... ونكتهل‏
ما للمواعيد...‏
بعد اليوم مرتجَعٌ‏
ولا لغمز الهوى ـ يا جدتي ـ سُبُلُ‏
لم تترك الخمسُ والسبعون...‏
نافذةً‏
إلا... لينسلّ من أحضانها الأجل‏
كم لوّنتْ أعيناً بالأمنيات...‏
وكم‏
كانت قلوب بها تدمى.... وتشتعل!!‏
فواصلُ الحب أغفتْ في دفاترها‏
لا مفردات بها تصحو...‏
ولا جمل‏
كم كان حسنكِ فيّاضاً!‏
وكم رقصت‏
على صحائفه الأشعار... والزّجل!!‏
كم كان صدرك تيّاهاً!‏
وكم وقفت‏
عينٌ... على جيبه المفتوح تبتهل!!‏
وكم تعرّى على خدّيْك...‏
من قمرٍ!‏
تمضي عليه الليالي... وهو مكتمل‏
تنهَّد العطرُ...‏
كي تندى الشفاهُ به‏
وغرد السحر... كي تُجلى به المقل‏
وردُ اللقاءات مفروشٌ...‏
وما انحبستْ‏
غمائم الطيب... لولا اللوم... والعذل‏
فكم نهلتِ كؤوساً...‏
زانها عَلَلٌ‏
والسّكرُ في نَهَلٍ من بعده عَلَلُ!‏
سلي فؤادكِ...‏
عمن كان يسلمه‏
إلى جنون الهوى... إن كان يحتمل‏
أو... فاسألي عنه‏
أزماناً... وأمكنة‏
كانت بطلعته تزهو... وتحتفل‏
ضفائرٌ...‏
كرفيف الحلّم... راقصة‏
تتلو ملاحمَ...‏
إذ تعلو... وتنسدل‏
تحلو العيون...‏
إذا طافت بفتنتها‏
كأنها... بفتيت الحسن تكتحل‏
ما غلفت نسمة فيها مسافرة‏
إلا تمشّتْ...‏
وفي أعطافها ثَمَلُ‏
تظل في رقّةٍ نشوى...‏
وفي عبقٍ‏
فليس يدركها من لهفة ملل‏
تحنو عليها ـ إذا تاهت مبعثرةً ـ‏
أناملٌ...‏
بعبير الفجر تغتسل‏
تباعد الزمن النديان... وانكسرت‏
فيه الجرارُ...‏
التي غنى بها العسل‏
عينان...‏
يمرح يأسٌ في فضائهما‏
ويستغيث على شطّيْهما الأمل‏
ترمَّدَ الذهب المسفوح...‏
وارتعشتْ‏
كفُّ الحنين... وخَلَّتْ لونَها الخُصَلُ‏
ضفيرتان...‏
يمدُّ الهجرُ فوقهما‏
جناحه... وطيور الوعد ترتحل‏
كان الجمالُ...‏
وجيعَ القلب بينهما‏
من غيرة... والمرايا البيضُ تشتعل‏
تزيَّنتْ بهما الأيام... لابسةً‏
ما رتّبت نظرةٌ... أو موعدٌ غَزِل‏
تدلّتا... كجناحيْ طائرٍ... غردٍ‏
واستلقتا... حيث يشدو الزنبق الخَضِل‏
وسال صمتهما... نهرين من فرحٍ‏
ورفرفت كاليمام الأعينُ النُّجُلُ‏
تأنّق الصدر...‏
كي يغدو سريرهما‏
بناهديْه... ففيه منهما بَلَلُ‏
كم كان يعبث جدي والهوى... بهما!‏
فالليل منطفئٌ... والعطر مشتعل‏
كانت وسادتُه....‏
تندى بدفئهما‏
فكل خيطْ بها من لذةٍ... ثمل‏
كم ناغتاه بما يهوى... وثرثرتا!‏
حتَّى استفاقت رغابٌ وهي تقتتل‏
كم بين شمسيْها‏
طافت أصابعهَ!‏
حتَّى احترقنَ... ومات الخوف والخجل‏
كم أشعل الهمسُ...‏
نجماً في سمائهما!‏
وزغردت في رحاب الملتقى قُبَلُ!!‏
وهاهما اليومَ...‏
تبكي كل واحدة‏
على هواها... وطوق الحزن يكتمل‏
ما عاد...‏
يغزل أفراحَ الهوى زمن‏
أو تستفيق به أيامه الأُوَل‏
غفا هديل التصابي...‏
والبروق خَبَتْ‏
وآذن العمرُ... والأحباب قد رحلوا‏
أرختْ ستائرَها الأيامُ...‏
وانهزمت‏
ريحُ الشباب... ونام اللهو... والغزل‏
*
14/4/2002‏