عرس الطبيعـة - طلعت سفر

ما طرّزتْ كفُّ الطبيعة ثوبَها
لو لم يزْرها عاشقٌ ولهانُ

كم كابدتْ غُصَصَ الهوى! وتململتْ
ولَها بنار غرامها الهِجرانُ!!ذ

ألقى الحبيبُ لها.. بأول نظرةٍ
فَصَبَتْ... ورفرفَ طرفُها السهران

وتلّمستْ بِيدِ الحنان..كنوزَها
فلكلِ سرٍ.. عندها... إعلان

أحلى سرابيل الجمال... عباءةُ
يمشي بها متبختراً.. نيسانُ

ردَّى الروابي... كالعرائس... حُلَّةً
هَدِبَتْ بها الأردافُ... والأردانُ

لبِستْ بها هامُ التِلالِ... عمائماً
فكأنها... لوهادها... تيجانُ

ألوانُها شتّى... فبعضُ خيوطها
ماءُ اللُّجيْنِ...وبعضُها عِقْيان

لا زهرة.. إلا ترشَّفَ ثغرُها
كأسَ الهوى... ولَهَا الصِّبا نَدْمان

قد أسلمتْ أجفانَها... لِفَمِ الندى
فترقرقتْ سُكْراً بها الأجفان

نَدِيَتْ بأنفاسِ الشباب... فلم تزلْ
تصبو... ويشرُقُ حسنُها الفتّان

وتناثرتْ زُمَرُ الطيوب... كأنما
سُفِحَتْ على كل الدروبِ دِنانُ

أنّى التفتُّ فللمِلاحةَ همسةٌ
عَجَبٌ.. وللطيب الفتيقِ بنَانُ

وتربّعتْ فوق الغصون بلابلٌ
سالتْ على أكمامها الألحان

ينظُمْنَ أفراحَ الربيع... قلائداً
حباتُهنَّ... لآلئُ... وجمانُ

رفَّتْ على صدرِ الغصونِ...كأنما
زانتْ بها... أعناقَها الأغصان

فالأرض فَرْحى بالوصالِ.... وقد مضى
همٌّ... ولملمَ ذيلَهُ حِرمانُ

والنهرُ غرّيدٌ... ففي جنباته
تتلاعب الأوراق... والأفنان

سكرى... تبادله الحديثَ... كأنما
بين الغديرِ... وبينها أشجان

نَزَلَتْ إليه... تستحمُّ بحضْنِهِ
فتمايلتْ طرباً به الأحضان

ألقتْ عليه الشمسُ...فَضَلَ ردائها
من فضةٍ سالتْ بها الوِدْيان

كم نَمْنَمَتْ شفةُ النسيم... بخدّهِ
قُبَلاً!! وضاحكة السنّى النشوان

عرسُ الطبيعة... ما أَزَفَّتْ حُسْنَها
لو لم يكن في بابها... عِرْسان

ضحكتْ لها الأيامُ بعد مَلالةٍ
وتبسّمتْ في ثغرها الأحزان

عاد الربيعُ السَّمْحُ... يُشْعِلُ بالمُنى
وجهَ الحياة... كأنه بركان

ألقى وشائِحَهُ... بِكل ثنيّةٍ
كي لا يَظلَّ... بربوةٍ عُرْيان

ماكان لي ما لِلْوِهادِ... فَمْيْعَتي
ولّتْ... وَجَرَّحَ لهفتي الكِتْمانْ

صوتُ السنينَ الذاهباتِ... وماله
من بينِ أحضانِ المدى... رُجْعانُ

أنا... ياوهادُ... معذّبٌ.. فوسادتي
بِنْتُ السُّهادِ.. ومضجعي الحرمانَ

مالَ الشبابُ بحسنِهِ.. ورُوائِهِ
عني.. وودّعني به رَيْعَانُ

ياليت أني وردةٌ.. ..ويزورها
في كل عام.. مرةً.. نيسانُ

*

12/4/1998.