هذه الكائنات أم هي حانه - عبد الغني النابلسي

هذه الكائنات أم هي حانه
اسكرتنا كؤوسها الملآنة

أم هو البرق برق نور التجلي
خاطف كل من رأى لمعانه

يا نديمي أعد عليّ وكرر
ذكر من غاب في ستور الصيانة

وجهه البدر لا بل الشمس حسنا
لاعد منا طول المدى إحسانه

سرّه دبّ في القلوب فهامت
عندما شاهدت بها سريانه

ويذوب المحب فيه ويفنى
كلما لاح كاشفا أردانه

واحد في القلوب وهو كثير
في العيون اقتضى هداه الأبان

عرفته به السعاة إليه
بنفوس في حبه ولهانة

ثم أفنت به النفوس وقامت
بتجلي صفاته الفنانة

لا تقل غيره فذا قول من لم
يتحقق في غيره عرفانه

يختفي تارة ويظهر طورا
كيفما شاء لم يزل ذاك شانه

يا وحيد الوجود نحن حيارى
فيك فارفق بعصبة حيرانه

أينما اقبلوا رأوك جهارا
والتقى من شهودهم والأمانة

أهل صدق بسرّ سرّك قاموا
ولهم صولة به واستعانة

كلما أشرق الوجود عليهم
فيه غابوا فشاهدوا رحمانه

حفظوا العهد منه يوم ألستم
واستقاموا لا يعرفون الخيانة

أمة أمت الفنا وترجت
معه من بقائهم غفرانه

هم تجليه وانكشاف سناه
عنده يدخلون منه جنانه

اسموا يوم فتح مكته إذ
كسروا من نفوسهم صلبانه

ههنا سرّ نشأة كل عبد
ذاق منه لم يستطع كتمانه

وهو حق به تحقق كوني
لا بسحر من السوى وكهانه

وهو اضق لنا ونحن شهود
عندنا الشرع لم يزل ترجمانه

وعلى حضرة النبي نزلنا
منه حتى بنا تلا قرآنه

حضرة النور هي من حضرة النو
ر ونحن النور الذي قد أبانه

إنني ظاهر به وخفيّ
وفؤادي محقق هيمانه

كنت قرآنه ياجمال جمع
وبتفصيل فرقه فرقانه

ولهذا شهدت جمعا وفرقا
ذاته والصفات فيه ديانه