تحقق فإن الروح في الكل واحد - عبد الغني النابلسي

تحقق فإن الروح في الكل واحد
ولا شي إلا الروح يدريه واجد

وذلك من أمر الإله كما أتى
وما الأمر إلا واحد وهو شاهد

وذو الأمر وهو الله لا شك أنه
هو الواحد المقصود والكل قاصد

وقد صار ذاك الروح كل العقول والنفوس
وأجسام الورى تتوارد

فتظهر أغيارا له وهو عينها
يحس به الذوق السليم المشاهد

وذو الجهل بالمحسوس يحسب كثرة
ويتبعه في الوهم عقل معاند

ويلمح ذاك الروح كالبرق ظاهرا
عن الأمر غيب الغيب ثم يعاود

على مقتضى الأسماء وهي جميعها
هي الوجه وجه الله في النص وارد

وللوجه كان الروح مرآته التي
تلوح بها آثاره والمقاصد فتظهر في الروح العوالم كلها عكوس مرادات الإله شوارد

وترتيبها في العلم يظهر هكذا
لدينا فمولود وأم ووالد

ومن حسن في المرآة صورة وجهه
فللوجه والمرآة ذا الحس نافد

وبالصورة المرآة عنه تسترت
فظن الذي قد ظن والعقل راقد

ومن أجل هذا قال أهل طرينا
خيال وظل ما عن الحق وافد

ولم يعرف المسكين ما قال عارف
وقد ظن سوءا وهو للحق جاحد

فلو وفق الرحمن ذلك للهدى
رأى نقصه في نفسه فيجاهد

ويصبح مشغولا ويمسي بنفسه
وقلب له في كل ما عاق زاهد

ولكنه الممقوت من حكم ربه
عليه ولا يدري وما هو راشد