أندلس الفرات - عبدالناصرحداد

كتبت هذه القصيدة مابين
( 2003/2004 )
*
وطن من الآياتِ
صوت الله ِ..
حكمته على أرض الفراتِ
حكاية أخرى من الطلقاتِ
آخر من تبقى بعد طوفان الجنونْ
..
محمودُ كان حكاية تهمي مواسمْ
ثملت به الأرض التي حبلت بهِ
جسداً من النعناع والبارودِ
حرفاً في البراعمْ
محمود كان حكاية تهمي ملاحمْ
سكرت به الأسماء ُ
لو تدري القصيدة أيَّ منطلق تغني
للبحر كِـلْمته ُ،
وللكلمات أبحرها ..
ومحمود الصدى السحريُّ في السكناتِ ، في حرية الحركاتِ ،
خمسة أنجم تُـتلى فيكتمل الغناءُ
كل الحكاية أنه كان الحكايةَ
باسمه ابتدأ الكلامُ
ولاسمه ضرب من الأشجار والأشعارِ محمود المقامُ
على اسمه ست الجهاتِ
ودربه يمن وشامُ
ويطلُّ من شرفات قصته فتلثمه المعاني
ثلثه بشرٌ ، وثلثاه المياه ُ
ضاقت عليه الأرض فاتـَّسَع النشيدُ ..
كأنَّ محموداً سواه ُ
في حزنه العالي ، وإيقاع الرؤى ،..
في لحظة ومضت فـقيـَّدها كتابا
وبكل ما أوتي من الإشراقِ
يتلو ما تيسَّـر من شِقاق الطينِ
أو من سورة عن صورة الإنسانِ
محمود الفراتيُّ الشهيد على الزمانِ
حكاية قدسية ، فرد أنامُ
ويطل من شرفات قصته فتلثمه الأماني
قد كان صلَّـى خمسه ،
صام الثلاثين ،
وزكـَّى نفسه من نفسه ،
وأتى شبابا ..
يأوي إليه الماءُ
ها الرجل الفراتيُّ الفقيرُ
صديق غربته ، وصدِّيق الحيارى
تأوي إليه النارُ محمود الحزين
يأوي إليه الطينُ ،
والضوءُ ، الفراشاتُ ، الهواءُ ، ..،..
ويطل من شرفات قصته فتلثمه الأغاني :
محمود يا العالي
محمود يا أعلى
محمود يا الغالي
محمود يا أغلى
ومحمود البداية والخواتيم ُ
الصدى الحركيُّ في الأوتارِ
آخر شعلة الأنهار
محمود الخرافيُّ الأخيرُ
هو شهقة في ريشة الرسمِ
الزفير على شفاه الناي والوتر الجديدُ ،
هو الدلالة والإشارة والأمارةُ
عرس حرفين ..
القصيد الكامل المجتثُّ
والفردُ الفريدُ ،
السين والسينيُّ والرؤيا ..
ألفْ ، راءْ ، ضادْ ..
ومحمود الحميدُ
ضحكت علينا الحرب يا محمود ُ
من جلجامش الجبار ِ
حتى آخر الغابات ِ
أدمتنا ديمقراطية الآلاتِ
ليبرالية الدم والصَّـديدِ
فأيـُّـنا ينجو من الطوفانِ
طوفان الحديدِ ؟
محمود يسأل جدَّه عن سرِّهِ
وعن الخلودِ ؟
محمود يبكي وحده في سرهِ ..
- من أين يأتي الحزنُ ؟..
- من عدميـَّة الماضي
- من أين يأتي الحزنُ ..؟
- من عبثـيَّــة الحاضرْ
- من أين يأتي الحزنُ .؟.
- من غيـبـية الآتي
- من أين يا جدي يجدُّ الحزن ُ؟
- من فرح النشيد
ورأيت أني في الرؤى وحدي رويتُ روايتي ماءً فما ابتلـَّتْ عروقي
وصعدت وحدي ـ والجبال على يدي حجرٌـ جعلت من الردى دربي ومن لغتي طريقاً للصدى فتفجَّـرت عشتار أنهاراً فأنهاراً رأيت على المدى الدم العربيَّ أنهاراً فأنهاراً . وغِـيضَ القلبُ ، فاضت لعنة الأرباب ِ أمواجاً فأمواجاً وغصَّ الصوت بالأعراب ِ أفواجاً فأفواجاً وطا
محمود
آخر شعلة للضوء في الكتب ِ
محمود آخر شعلة
للضاد في العربِ
*
*
روح من البارود تـنتظر الحدثْ
وحكاية أخرى من الطلقاتِ ،
محفظة السنينْ
حجر من الأبنوس في جيد القيامةِ
موعد بين (الصُّـدَفْ)
هو دمعة سطعت على الكلماتِ
أحرفنا الأخيرة في الصلاةِ
شعورنا الشجريُّ ، حمحمة الحنينْ
ودم السماوات التي انطبقت على الأرضينَ
من فلك إلى فلك يدورُ
وهو الذي جعل المدى مداً مديداً
وهو الذي هزم السراب ْ
ألحاضر الأبديُّ في هذا الغيابْ
وهو الذي تمشي إليه البارقاتُ
هو الذي تأتي صلاة في صداهُ
هو الذي يدنو بعيداً
بين أوردة الحياةِ
الغائب الأبديُّ في هذا الحضورْ
وهو الذي امتشق السحابَ
هو الذي ورث اليبابَ
هو الذي كتب المياه على كتاب من تراب في
سطور من بخورٍ في الحروب وفي السلامْ
محموديَ النهر الإمامْ
محموديَ النهر الأمامُ
ما كان من نار ودمْ
ما كان من نور ودمْ
ماءٍ ودمْ
..
ها النهر قدس
كعبة
ودمٌ حرامُ
ونهلتُ من حبر الحكاية فاستقلَّ دم وقامْ
أعلى من الشجرات
في جسد القصيدة ِ ثم قامْ ..
حشداً من الإقدام إذْ قعد القيامْ
سيفاً من التاريخ في خصر الحضارة واستقامْ
نهراً على قدمين في قِـيَـمي أقامْ
وطلبت نزف القلب فاستعصى
وقد ضاق المقال عن المقامْ
محموديَ النهر الأمامْ
محموديَ النهر الإمامُ
كل الحكاية أنه كان الحكاية
باسمه ابتدأ الغرامُ
ولاسمه ضرب من الأنوار والأسرار
ها البدر الـ..تمامْ
محمود في السبت الجريدة والعلمْ
محمود في الأحد الزحامْ
محمود في الإثـنينِ أول دمعة سقطت وآخر قلعة صمدت
ومحمود البداية والخواتيمُ
الصدى الضوئيُّ في الأفكارِ
آخر شعلة في ظلمة الأبدِ
في زحمة الأنهار
فاضت نغمة الجسد
محمود في آذار آخرهُ
وفي نيسان أولهُ
وفي 11/ 9 /2001
قامت قيامته ُ
ها النهر لم يُصلبْ
صعدت إليه الميم في الكلمات
أدمنـَه ُ الندى
في حائه ولحائه
صعدت إليه الميم والواوات
أدمنه الردى
في داله دمعٌ ، دَمٌ ، دارٌ ، دنان ْ، ..
ها النهر لم ينضبْ
صعدت إليه النار كانت برده وسلامه ُ
كلا .. ولم يُـغلبْ
صعدت إليه مياهه ُ
ها النهر لم يصلبْ
ولم يغلبْ ،
ولم ..
حجـَّت إلى دمه البلاد
من المحيط إلى الألمْ
صعدت إلى علـيائـه العـلـياءُ
وتوسـَّمتْ في وسـمه الأسـماءُ
أسرى على برق القصيدة سـيِّداً
سـاد الرؤى ، فاسـتسلم الشعراءُ
ألِـفٌ على آلائه ألـِفَ الـندى
فـتـآلفـتْ في شـمسه الأفـياءُ
باءٌ بـَدَتْ من بـدره فـتـبدَّدت
لغة الخراب ، وأشـْجرت صحراءُ
تـاءٌ على أغصانـه وا خصبه ُ
تبـَّتْ يـدا حـجـر يـراه الماءُ
ثـاءٌ وجـيمٌ حـوله وحـيالـَه ُ
في كل حـرف من نِـداه نـداءُ
هو أبْـجَـدُ الأحداثِ
أبجد مسرح الأحداثِ
تعرفه من الحرف الحزيـيـيـيـيـن ْ
محمود من وطن ، وطين ْ
من أين يأتي الموت
هل من عشبة أخرى لأفعى في التراب
من أين يأتي الموت
من حرب الأفاعي أم حقول النفط
من أين يأتي سيد الحيوات
من حرب الفضا أم من حروب البرّْ
محمود نسأله فيبكي سره في السرّْ
يبكي على الأحياءْ
من أين يأتي الحزن والدمع اللدود ْ
محمود يبكي وحده
محمود يبكي مجده
يبكي ..
و يبكي ..
ثم يبكي ..
محمود آخر دمعة سقطت
و أول قلعة صمدت
ومحمود الفراتيُّ الشهيد
..
ضحكت علينا الحرب ُ
أدمتنا رحى الآلاتِ
هل تـتـشيَّـأ الأفكار ،
تأخذ شكل آنية ٍ من الفخّارِ
يكسرها ولدْ ؟
ضحكت علينا الحربُ
فلْتغفُ البلاد على رصيف الذكرياتِ
على فراش من مسدْ
ضحكت علينا الحرب
يا محمودنا
وكذا السلامُ !
ـ من أنت في هذا الدمارِ ؟
ـ أنا حصار الريح في ريح الحصارِ
رفعتُ أغنيتي على الراياتِ ،
حاصرت المدى
وأنا حصان الصوت في الكلماتِ
ـ من أنت ..؟
ـ الصدى ؛
حجر الكتابة والكآبة
لي جناح فراشةٍ
لي قلب عصفور وأعصابي خرابُ
وأطلُّ من شرفات قصتكم
فيلثمني البكاءُ
من حزنهِ
نَـسِيَ القصيدة تحت أشجار الغَرَبْ
وأتى المدينة أعزلاً
إلا من الحزنِ
ـ من أنت ..؟ يسأله الجنود
ـ محمود
ـ ما محمود
ـ بعض من صدى الأيامِ
ـ والمعنى ؟
ـ أنا ابن الله في الإنجيلِ
عبد الله في القرآن ِ
شعب الله في الفوضى
أنا شجر من الأسماءِ
هزّوني فيسقطَ من دمي رسل وأجداد ٌ
أنا اسمٌ كله شجرٌ
فهزوا اسمي ليسقط من دمي بشرٌ
ويسقط عن دمي البشرُ
محمود آخر مشهد جاءت به الصور ُ
وطن من الأسماء ينكسر ُ
كم كان يبكي وحده ُ
يبكي فينهمر المدى
حجراً ،
وينهمر الصدى حجراً ،
وينهمر الردى
حجراً ، .. ، ..
وتنهمر البلاد
محمود يبكي مجده ُ
محمود ينكسر ُ..
ضحكت عليك الحرب يا محمود ُ
وانكسر الصدى فوق المدى انكسرت ْ أغاني العشق والصلوات وانكسرت ْ نقوش الشرع في الشرق القديم ِ تكسـَّرت ألواحك الذهبية ُ انكسرت سماء الشرق في الشرق الجديدِ تكسرت أسماؤنا الحجرية انكسر الحزانى في حروب الحزن ِ وانكسرت بلاد الله قاطبة ً تكسرت البلاد على البلاد
محمود ـ يا ألله ـ لو تدري كم انكسرت بلاد الـ ......
حجر على حجر على حجر على محمود ْ
محمود أندلسُ الفراتِ رفاته حجرُ
محمود ينكسرُ
من علَّـم الأسماء علَّـمه
صفات الريح في الغاباتِ
علمه صهيل النهر في الفلواتِ
علمه لغات الطير الغزلانِ
محمود المواعيد
التواقيت
التوابيتُ
الصدى الشجريُّ والكيصومُ والشيحُ العتابات ُ البيات ُ الكرد والعجم ُ
المقاماتُ التواشيح ُ التباريح الصدى السرّي في الإعجاز والإنجازِ
محمود المفاتيحُ
البداية والخواتيم
الصدى المطريُّ والريح ُ ..
مَنْ علّم الأسماء يؤلمه
من علم الأسماء يعلمه عن الأسماءِ
عن أجداده الآتين في الماضي ،
وعن أحفاده الماضين في الآتي
وعن بشر بلا أسماءْ
حضروا وما حضروا
..
ما كان في سبت السواد ْ
ما كان في أحد الحداد ْ
إلا على الأيام ينهمر ُ:
مطراً على زمن المآتمْ
قمراً على ليل المآتم ْ
جسداً من النعناع والبارودِ
حرفاً في البراعم ْ
كلّ الحكايةِ .. باسمه ابتدأ القيامُ
ولاسمه ضرب من الأنهارِ
محمود المقاوم ْ
وعلى اسمه
حجر الجهات الست ينهمرُ
محمود ينهمرُ
والنار
والتاريخ
والبشر ُ
*
*
من أين يأتي الحزن والدمع اللدود ْ
من أينَ ؟..
محمود ُـ الثلاثاءَ ـ الصدى العادي ُّ
لا حدثٌ سوى الروتين والفوضى
ولا قمر ُ ..
في الأربعاء :
الملل الساديُّ ، والأخبار ، والكدر ُ ،..،..
يقضي على الأيام ِ ..
محمود ـ الخميس ، الجمعة ، الإثنين ، ..
مشتاق إلى الإعصار
لا يبقي ولا يذر ُ
كل الحكايات انتهت إلا حكايته
كل الحكاية أنه بشر ُ
بشر من الأنهارِ
والأشجارِ
والأزهار
والأمطار
والأحجار
والأفكار
والأسرار
والأخبارِ ..
والبارود ْ
محمود ْ
مَنْ علَّـم الأسماء تهدي سينها للماء
من علَّـم الأسماء
تهدي ماءها وتجود ْ
محمود أندلس الفراتِ
فراتنا الأبديُّ في الأزلِ
محمود أندلس الفرات
فراتنا الأزليُّ في الأبدِ
في زحمة الأنهار
غاضت نغمة الجسد
*
*
حجر على الأفكارْ
حجر على الريحِ
من أين تأتي النار في الحرب الحديثةِ والردى السحريُّ
في سبتمبر السحريِّ ، والسريِّ ، ..
في سبتمبر الموعود ْ
من أين يأتي الحزن والدمع الوقود ْ
في ظلمة الأسرار
يا نهر المصابيحِ
حجر على الأفكار ْ
حجر على الريحِ
ـ من أين تأتي النارُ ؟..
ـ من لغتي
ـ من أين تأتي النارُ ..؟
ـ من شفتي
ـ من أين تأتي النارُ .؟.
ـ من رئـتي
ـ من أين تأتي أنت !؟
ـ من نار التباريحِ
حجر على الأفكارْ
حجر على الريحِ
محمود في الأسرارْ
لغة المفاتيحِ
قد كان في آذار لا يحصي سدى الأيام
ليس قيامة أولى وليس قيامة أخرى
قد كان في نيسان حصراً تاسع الأيام
حيث السكتة القلبية الأولى
وحيث الجلطة العربية الأخرى
النكبة الأخرى
النكسة الأخرى
النكتة الأخرى
ومحمود الختام لقصة أخرى
حجر على الأفكارْ
حجر على الريحِ
محمود في الأسرارْ
لغة المفاتيحِ
من حزنه نسي الغَرَبْ
نسي القصيدة والطربْ
نسي اسمه أيضاً ولم ينسَ العربْ
من حزنه
من حزنه نسي النباتْ
نسي القصيدة والبناتْ
نسي اسمه أيضاً ولم ينس الفراتْ
من حزنه
من حزنه نسي الدروبْ
نسي القصيدة والغروبْ
نسي اسمه أيضاً ولم ينس الحروبْ
من حزنه
من حزنه نسي السلامْ
نسي القصيدة والكلامْ
نسي اسمه أيضاً ولم ينس الشآمْ
من حزنه
من حزنه نسي الألمْ
نسي القصيدة والقلمْ
نسي اسمه أيضاً ولم ينس العلمْ
من حزنه
من حزنه نسي الحـَزَنْ
نسي القصيدة والشجنْ
نسي اسمه أيضاً ولم ينس الوطن ْ
من حزنه
من حزنه ..
من حزنه ..
..
وعليه أن ( يعلو لكي يحيا وأن يحيا لكي يعلو ) وأن يلج الخريطة من حدود التين والزيتون حتى غابة الأرز القديمة حيث مثواه القديم أو الجديد أو الوحيد أو الأخير وحافياً يمشي على التاريخ ـ هذا الوقت جمرٌ ـ إنه قرن المجاعة والفظاعة والبضاعات الرديئةِ أيها التاريخ
بلدٌ جسدْ
جسد من النعناع والبارود
يمشي نحوه شجرٌ وتمشي نحوه الأقمار يمشي نحوه حجر وتمشي نحوه الأنهار
لا تقرأْ تضاريس العذاب على كتاب الكف ـ هذا الجمر وقتٌ ـ أيها التاريخ لا تبحث عن الجغرافيا
كل الخرائط في جسدْ
جسدٌ بلدْ
بلد من النعناع والبارودْ
محمودْ
مَنْ علّم الأسماء أن تلغي الخرائط والحدودْ
(( حَجَرْ يِبْكي
وْحَجَرْ يسمعْ
حجرْ يطلعْ من الجنةْ
وحجر يرجعْ
حجر يبني ،
وحجر يحمي ،
وحجر يمنع
حجر ورد ، وحجر بارود
وَلَـكْ محمووووووووود
لا تدمع
شعبْ إنت ، وزند بزنود ))
.. لا تدمع فرات العين شفافٌ
ولا تـقـنع من التاريخ بالتاريخِ
إن الوقت مِزْيافٌ
ولا تبحث عن الجدوى
ولا تسألْ ..
(( حجرْ يبقى
وحجر يرحلْ
حجر يدري
وحجر يجهلْ
حجر ينذلْ ..
ولا تنذل ..
ولَكْ محمود يا الغالي
محمود يا أغلى
محمود يا العالي
و يا أعلى من الطوفانْ
كل الحكايات انتهت إلا من الدمع الهتونْ
وطن من الآياتِ
صوت الله ِ..
حكمته على أرض الفراتِ
حكاية أخرى من الطلقاتِ
آخر من تبقى بعد طوفان الجنونْ
محمود كافْ
محمود نونْ
محمود كانْ
ويكونْ ...
...