هوامشُ أولى على متن جسدها - علاء الدين عبد المولى

ـ (1) ـ‏
أقرَبُ الأشجارِ: ما أنتِ زرعتِ‏
ثمرُ الفجر له ذاكرةٌ تعلو مع الغيمِ،‏
بأيِّ المدحِ أدنو من يديكِ‏
عندما تأتين بالقهوةِ والشّهوةِ؟‏
هذا ورقُ الشعر ركامْ‏
لَوْ لَكِ الحنجرةُ المذبوحةُ الصّوتِ،‏
لأصغيتِ إلى وَقْعِ انتحاري الدّاخليّْ‏
لو تعاطيتِ ربيعاً غَلَّ في روحي،‏
وألقى وجهكِ المائيَّ فيّْ‏
لترفّقتِ بيَنْبوعٍ تنامى حوله عشب المنامْ‏
فأرى تكرار كفَّيكِ لفعلِ الخلقِ،‏
أو إِزهارَ عينيكِ ظهيراتٍ تصبُّ الشمسَ من نافذةٍ‏
أفتحها/ أغلقها‏
حين لا يُجدى مع الصَّمت كلامْ...‏
ـ (2) ـ‏
البدائيّ:أنا، أرَّختُ مجدَ النَّاي في ألواحَ فردوسي،‏
وناديتُ على الأنثى لأرعى غَنَمَ الحُلْمِ على‏
أعشابِ كفَّيها،‏
وشهرُ الصَّيفِ شقَّتْ سقفَهُ معجزةٌ،‏
فانهمرَ اللّوزُ وغطَّاني،‏
ولمَّا ارتفع السَّقف نهائياً، أضاء الكونُ كونيَّاً...‏
أهزُّ الشَجرَ الطّالعَ من معصيةٍ تسقي مسيلَ‏
الضّوءِ‏
في صدركِ ، أو تكتب نجَميْن على لوح الرّخامْ‏
وأنا أقرأُ شلاّلَ لغاتٍ‏
وأغني لفراغِ المطلق النابضِ في قلب الظّلامْ‏
فأرى رقصةَ أنثى أضمَرَتْ أغنيتي إيقاعَ ساقَيْها،‏
وسرّبتُ يديها من شبابيكِ دمي،‏
جاذبتُها من طَرَفِ البستانِ،‏
أبقتني على السُّورِ:‏
فلا حرب لأهوي بين نهديها،‏
ولا وقت لرايات الحمامْ.‏
أمس/ جاءَتْ نزهةً تمشي على أرضِ حواسي‏
تلجُ القلبَ بسهمٍ يغمرُ الأعماقَ باللّؤلؤ والماسِ،‏
ولا تدري ـ هي الأنثى ـ بأن الذّكَرَ المُلقَى على‏
حافةِ رجلَيْها استطابَ النَّزفَ، حتَّى أنه‏
نصبَ الأعماقَ مرآةً ونامْ ....‏
ـ (3) ـ‏
هي جنّةٌ من لذّةٍ ، نَفَرَتْ‏
أردافُها عسلاً/ وخطوتُها‏
كأساورِ الإيقاعِ أسمعُها‏
تهوي على درجٍ‏
يفضي إلى درجٍ إلى غرفٍ مغلَّقةٍ إلى... قلبي‏
مِيلي على أفقي، دعي التأويلَ، وانصبِّي‏
في جَرَّة الوجدان سيّدةً من الرّيحان تُذْكِي جمرةَ الإنسان فيَّ،‏
تعيدني بشراً سويَّاً صالحاً ليعانق الأقمارَ في‏
سحب من الحبِّ...‏
ـ (4) ـ‏
تلدُ الأنثى خيولاً في دمائي‏
تنسجُ الأنثى خيالاً لغنائي‏
هل على كفّيكِ أرمي جبهتي‏
وأنا المغزولُ من نارِ الفضاءِ؟‏
كيف أستلّ من الموت يدي‏
لأرى نجمكِ فيها، وسمائي؟‏
أنا يا أنثى الشّتاءات هنا:‏
ذكر ينحتُ تابوت الشّتاءِ‏
النّبيذ المرّ طعنٌ باردٌ‏
يهدمُ الكونَ الّذي شيّده‏
الشّاعر السّاجدُ في كهف الهواءِ‏
أنا يا أنثايَ أُلْقِي مدناً‏
من يدي، أطوى المدى تحت ردائي‏
فخذيني سالماً مستسلماً‏
وأعيديني إلى (حائي) و(بائي)....‏
ـ (5) ـ‏
نَزَلَتْ سلّمَ موسيقى من الغيبِ، لها خصرٌ‏
يحارُ الذَّهَبُ النَّاحلُ في تطويقِهِ،‏
ألطفُ من حلْم تدلّى في عيون الطّفلِ...‏
ردفان اكتنازُ المخمل الطّازج في رَهْزِهما،‏
ساقان سيفان من اللّذَة ينضمّان أو ينفرجانْ.‏
مهرةٌ محبوكةُ القامةِ،‏
شقّتْ دربها،‏
فارتمى من خلفها ألفُ حصانْ‏
هي أنثى تفتح القلبَ على الفجر،‏
وتلقى خمرة الضّحكةِ من كأس شفاهٍ نَضَجَتْ‏
حتى استوى فيها ربيعُ الأرجوانْ‏
صعدتْ برجاً من الإغراءِ،‏
لمّتْ حولَها الأعينَ والأنفُسَ،‏
كلٌّ يدَّعي وصلاً، ووحدي أدَّعي هجراً...‏
ولكنْ، كنتُ موصولاً إلى العمق بعينيها،‏
كما تُوصَلُ بالمئذنةِ العُلْيا اختلاجاتُ الأذانْ...‏
ـ (6) ـ‏
للصَّباحاتِ النَّبيذِيَّة وَقْعُ امرأةٍ‏
ترجمتِ الأرضَ إلى قامتِها/‏
أشتهيها قبل أن أملأَ بالخمرِ دمي،‏
أو بعد أن يحترق القلبُ على شعلتها/‏
أشتهيها وأنا شاطئُ جمر، موجةً‏
تخلع قمصان الزَّبدْ‏
أشتهيها جسداً يوحي بأقمارٍ إلى بئر الجسدْ‏
فأضمّ اللّحظةَ الأولى وأحيا في الأبدْ...‏
________
شباط /1995‏