مفتاح آخر على سردابها - علاء الدين عبد المولى

أزوركِ في غسقٍ قادمٍ‏
أراكِ أمام إله الظّلام صلاةً من الاعتذارِ‏
عن الشّعر حين يفضّ الحديقةَ داخل روحكِ...‏
هل وُلدَ الوردُ من عطشٍ مزمنٍ،‏
منذ أن هبط الوالدانِ‏
إلى أرض أخطائنا وخيام الكلام الجديدِ؟‏
وهل تقبلين خروجي على النّصِّ والحكمة الزَّائدةْ؟‏
... ... ...‏
أزوركِ في مغربِ الياسمينِ‏
وأُجلِسُ روحي على برعم الفلِّ،‏
أسترقُ السَّمْعَ‏
حيث يداك تديران في السرّ ضلْعَ العبيرِ‏
وظلُّك يوغل فيَّ‏
يضيفُ إليَّ الفواكهَ‏
يَجْمَعُ حولي الطّيورَ‏
يعلّمها منطقي‏
فتغادرُ شفّافةً يتقطَّرُ من ريشها النّورُ...‏
طيري مع الشَّمس في آخر النّفَسِ الحيويِّ‏
سأتبَعُ ما تأمرينْ...‏
جمالُكِ أعمَقُ من جدلِ العينِ والجسد المخمليِّ‏
جمالكِ ميلاد كونٍ‏
وشمسٌ معلَّقة في الفراغِ‏
ومعنى لمهدٍ تبيتُ على عطره كلماتي‏
جمالُكِ: مستقبل الرّوحِ،‏
شهوةً ليلٍ إلى نفسِهِ‏
سأفتح بابكِ أكثرَ ممَّا تظنّينَ‏
أنت الّتي قلتِ: نَحْلي يعشعشُ طيَّ نخيلكِ‏
كيف تريدين منّي السقوطَ‏
على حجرٍ لا يضيءُ‏
تعالي نتابعْ مغامرة النَّهر حين يفيضُ‏
وأرجوحةَ الشَّبق الشّاعريّ الَّّذي‏
يتهادى أمام مخاوفِنا‏
ونقسمُ ما بيننا لغةً من حوارٍ‏
أنا صوتكِ الذّهبيُّ،‏
وأنت –على ما أخيّلُ-‏
حارستي من جفافٍ‏
تردِّينَ عين الحسودِ‏
وتستولدين لأقمارنا فضّةً‏
تغسلين لها خصرَها بالسَّحابِ‏
وتلقين فيها بما تملكينْ...‏
... ... ...‏
أزوركِ في خلوةٍ من نباتٍ يديرُ علينا ضفائرَهُ‏
ويسمحُ أن يتخلّل صوتُ الأذان البعيدِ‏
فأبصرُ –هل تبصرين- حجيجاً يطوفون بين شراييننا قانتينْ؟‏
... ... ...‏
أنا ملأٌ للقرنفل في حوض نومِكِ،‏
لا تقطعي حلماً علّمتْه يداكِ الذَّهابَ‏
إلى آخر الحلْمِ...‏
عرشُكِ أم حجر من نبيذٍ‏
جلستُ عليه زمانَ الثَّمَلْ؟‏
وكلّمتُ شيخَ الدّموع بشأنكِ،‏
حتَّى تحوَّلَ فيه البكاءُ إلى جرَّةٍ للعسَلْ‏
فلا توقفي طائراً طار من جسدي واشتعَلْ...‏
... ... ...‏
متى يفتحُ الحزن تلك السَّراديب فيكِ؟‏
متى يصطفيك على العالمينْ؟‏
متى يأذَنُ البيدر المتناعسُ فيكِ‏
بأن تتنزلَ فيه ملائكةُ الشَّمسِ‏
من مَشْرقِ العارفينْ؟‏
متى يلتقي الكوكبان بتوقيت برج مقدَّسْ؟‏
متى يأخذ العمرُ حصَّته قبل أن يتكلَّسْ؟‏
متى أتنفَّسْ‏
متى أتنفَّسْ؟‏
___________
28/8/1999‏