قصائد على ضفة الوجدان - علاء الدين عبد المولى
ـ (1) ـ
لا أكتبُ حتّى أطرد عنّي شبح اليأسِ
بل، لأساعد ظلمَتَهُ ترقى جَبَلَ الشَّمسِ
لا أبكي لأغادرَ دارَ القلقِ
بل، لأضيءَ سراديبَ رؤاها ممَّا يشرق من مِزَقي
أنشرُ رايات الكلماتِ على ذروتها
أكتبُ... لا تَسْتبقي
خطواتي/ أنتِ سهامٌ من عَسَلِ الهمسِ
ترشقُ في صمتٍ دفءَ براءتها
فأرى أن دريئتها: نَفْسِي...
ـ (2 ) ـ
فيكِ مايدهشُ، ما ينعشُ إنجيلاً من الأضواء في معبدِ
روحي
فيكِ مايعلو على هذا الصَّدأْ
ثمّ يلقي النّارَ في قشّ جروحي...
ـ (3) ـ
شِعريّةُ الخطو، تمشي خلفها فِكَري
يفتضّ إيقاعُها عذريَّةَ القمرِ
أبني لها خيمةً زرقاءَ فوق دمي
لتستحمّ بها روحاً من المطرِ
هي القصيدةُ في جيب المدى اختبأت
وغلَّقتْ زرّها العالي عن البشرِ
باشرتُها ودمُ الضَّوضاءُ منسكبٌ
منِّي على مدنٍ تحيا بلا سَفَرِ
فاستأنستْ كعروسٍ ضاءَ موكبُها
لمّا أفاضَتْ عليها شهوةُ الذَّكرِ...
ـ (4) ـ
لمضيئةِ النَّهدينْ
في ليلِ أغنيتي أربّي ضفَّةَ الوجدان
أسهرُ في ظلالهما، وأَعْقِدُ كوكباً بِالعَيْنْ
أنداحَ يَنبوعاً من الأحلام بينهما،
وبينهما مجازٌ أو حجازٌ
طالَعتْني منهُ أنسامٌ وشفّ اللّؤلؤُ المسكوبْ
لوريثةِ الأقداحِ عبرَ سلالةِ الأنوارِ،،
أحْني هامتي وألمّ أمتعةَ الخلودِ
أنا: جدودي، والّذين سيعشقونَ،
أنا نشيدُ الغالب المغلوبْ.
أنا حارسُ النَّهدين، خادمُ كعبة المحبوبْ...
ـ (5) ـ
مرحباً بصباحكِ يا قهوةَ العيدِ، يا ناعمَهْ
اسْلَمي لانسيابي على ضفَّتيكِ أساورَ ماءٍ،
تسيّجُ مهدكِ إذْ تترنّم قامتك الحالِمَهْ
فأرى أنَّني عابدٌ نارَها
وأرى أنّني حاضنٌ تاجَها حين تسطعُ في عرشِ شهوتها
الحاكمهْ...
ـ (6 ) ـ
وشهدتُ عندَ الفجر أسرارَ الشَّجَرْ
ودفعتُ بين أصابعي نهراً من الأحزانِ
يغمرُ وجهَ سيّدةٍ حَرونْ
قذَفَتْ كلامَ الياسمين على دمي فنطقتُ عطرا
صلّيتُ قَبْلَ قدومها: ياسحرُ بارِكْها
وخبّئها بقلب الدّفء ولترفعْ إليّ سلامها
وليلعب الطّفلُ الكئيبُ وراء ذاكرتي، ويفرَحْ
ياسحرُ، واشرَحْ كيف أسبحُ في يدِ امرأة حنونْ
صلّيتُ بعد رحيلها:
ياربّ... أشعلْ نجمةً مابين نهديها
ونيِّمْ قُرْبَها أكداسَ زهرٍ أزرقٍ
يارّب جمل مَهْدَها
ليكون أجْدَرَ من يديَّ بها،
وساعِدْها على تمديدِ ساقَيْها بعيداً في
حريرِ الحلمِ. واغمُرْها بأشباحي اللَّطيفَهْ
ياربّ خبّئْ عُمْقَ عينيها بأجفانٍ رهيفَهْ
واحرُسْ أصابعَها من البَرْد المفاجئ بعد نصفِ اللَّيلِ،
خفِّفْ عن براعمها غبارَ اليومِ،
وامحُ ضباب من يغتابُ ضحكتها
فتلكَ: حبيبتي
حصَّنتُها بنشيد إنشادي
بالمصحف العطريّ تحملهُ العروس
لتحتفي بزفاف ميلادي
ببخورٍ إنجيلٍ يريقُ النّورَ في قدّاسِ أعيادي
وإذا أقامَ الفجرُ في أهدابها
فاشرَحْ إلهي صدَرها واغسل يديها بالحنينْ
وادفَعْ بها في موكبٍ للشَّمسِ تخطُرُ في هواءِ السَّاحرينْ
سيرى إلى خطواتِها أطفالُ مدرسةٍ فيغتبطون بالمرحى،
وعمّالٌ بَنَوْا في اللَّيلِ صورتها
وصبّوا فوقَها آهاتِ مكبوتين تأكلُهم طواحينُ
الأنينْ
ويرى إلى إشراقها تجّارُ أوطانٍ يُحيلون الفضاءَ الحُرَّ
عُهْرا
فتشيحُ عنهم، وهْيَ أدرى
بالتّينِ والزَّيتون والبلدِ الأمينْ
____________
13 /شباط/ 1995