وقفة في ظل غيابها - علاء الدين عبد المولى

عندما يندفعُ اللّيلُ ككأس الخمرِ في جوفي/ أضيءُ‏
يتداعى دوننا هذا الغيابُ‏
فإلى أيِّ المواعيدِ أجيءُ؟‏
كلما جاوزتُ باباً سُدَّ في وجهِ نداءاتيَ بابُ...‏
هل على قلبيَ أن تحترقَ الأشجارُ فيهِ‏
كي يرى نجماً يغطِّيهِ السَّحابُ؟‏
هذه الصّحراءُ تحتَ الجلْدِ تنمو يتلقّاها سرابُ‏
كيف أخفى اللّيلُ أشباحَ سؤالاتي، وعيناكِ جوابُ؟...‏
رتِّبيني، رتِّبي فوضى شراييني، اجمعيني‏
كائناً يشرقُ من غَرْبِ الجنونِ‏
شاعراً شقَ فضاءَ الأمسِ ناياتٍ ووديانَ حنينِ‏
كوكبي الآتي بأعيادي: يداكِ‏
قلتُ أختارُ اختزانَ البرقِ في عينيكِ،‏
عيناكِ إلهان صغيرانَ‏
يضيئان دمي المظلمَ‏
يصطادان غزلان حناني‏
هل أُداري عَبَقاً يصعدُ من قاع حضوري‏
عندما تفضحُ عيناكِ رؤاكِ؟‏
كيف أمضي عنكِ؟ ممزوجٌ هوائي بهوائكْ‏
خاشعٌ قلبي على أرضِ دعائكْ‏
كيف أُنْئي جسدي الخالقَ عنكِ‏
وأنا أولدُ منكِ‏
أنتِ يا باذخة السَّاقَيْنِ، يا ذائبةَ الخَصْرِ،‏
ويا طعمَ نضوجِ الضّوءِ، لفِّيني بسيقان ضيائكْ‏
..... ...... ......‏
طيِّعٌ وقتي كلَحْمِ امرأةٍ تأكلُ من تفّاحةِ العطْرِ‏
وتغشاني صباحاً مثلما يغشى الشتاءاتِ غمامُ‏
ظامئٌ حتّى انشقاقِ الرّوحِ في صحرائها الكبرى،‏
وفي فجرٍ من السِّحْرِ،‏
يدي أسّستِ الأرضَ، ولَمْ يبقى سوى‏
أن يسندَ الأرضَ الغرامُ‏
أو على أبراجها الأولى تدور الخمرُ‏
حتى تصبحَ الخمرُ هديلاً يتهجَّاهُ الحَمامُ‏
أين ما أفقدُهُ؟‏
هذي الخساراتُ الَّتي تنهشُ سَقْفَ الكَوْنِ،‏
هذا القلبُ يُمْلِيْهِ الظَّلامُ‏
كان ماكانَ/‏
وعرّافةُ أحلامي استقالَتْ من فناجيني وكفّيَّ،‏
وواراها الزّحامُ‏
وبقيتُ الأحدَ المُفْرَدَ، كَهْلاً في مدى الصَّبوةِ،‏
نوماً يتحاشاهُ النِّيامُ‏
حيث ألقيتُ على متحف أيّامي سلامي‏
ثمَّ ناديتُ: أنا شاعر أطلالٍ وفي رأسي حطامُ‏
وأنا رتلُ جرارٍ نُهِبَتْ حين تولاَّها الرّكامُ‏
أنتِ يامن جلستْ في الطَّرفِ الأقصى من الصَّمتِ،‏
أرى أنّكِ محرابي، وهذا الشَّبقُ الرَّاسبُ في قلبي: إِمامُ‏
ردِّدي خلفي:‏
إلهي انصُرِ الزّهرةَ في أعماقنا،‏
تجتمعُ النّحلُ وينمو عسلٌ فينا وتبتلّ العظامُ‏
أنتِ يامن عُجِنَتْ من طينة المسكِ‏
ومن إبطيكِ ينهلّ الخزامُ‏
آن أن نفرشَ سجادتنا في أرضِ ميعادٍ،‏
وأن نغتنمَ الجنَّةَ ‎، فالعمرُ اغتنامُ‏
يبسَتْ في طاقة الفخّار أوراقي،‏
لساني غصنُ تفّاح تدلَّى وتداعى‏
وفؤادي شطَرَتْهُ الشَّمسُ نصفين، كرمَّانةِ صَيْفٍ‏
نضجتْ واحترقَتْ وانطفأَتْ في ذاتها...‏
كيف يوافيني الكلامُ‏
أنتِ يا شْجرة إغراءٍ، ويا حبّة مرجانٍ نَمَتْ في‏
عَتْمِةِ الأضواءِ والماءِ، وياجنّةَ خُلْدٍ‏
هبطتْ في أزرقٍ يخضرُّ بالحُمْرَةِ...‏
قُودي شعبَ شهواتي أماماً، كلُّ مافيكِ أمامُ‏
___________
15/ آذار /1995‏