شكل لإيقاع الغرق - علاء الدين عبد المولى

تغلقُ الخمرةُ أبوابي‏
أُناديكِ: من الفتنة عُودي‏
نجمةً تشلَحُ عن أكتافِها غيمَ الغسقْ‏
دارتِ الأرضُ بأقدامي، وضيَّعت مداراتي،‏
فلم أعثرْ على مهدٍ سوى هذا الوَرَقْ‏
فوقه أسكبُ أجيالاً من الشّوقِ، وجمهورَ القلقْ‏
حائرٌ... والقلمُ السَّاهرُ يصّاعد حبراً‏
وهتافاً للعيون الغائمهْ‏
مركبٌ في الرَّأس يطفو‏
صورٌ تعلو من القاعِ، خيالٌ‏
أزرقٌ نشوانُ بحريٌّ على أطرافه‏
تشطحُ رحلاتٌ وتلتمّ زيارات،‏
أنا الباحثُ عن شكلٍ بدائيٍّ لإيقاع الغرقْ‏
لا أرى إلا استداراتٍ لأنثى‏
غادرتْ جنَّتها‏
وثناً من حكمةٍ مستسلمهْ‏
هل أنا القادرُ أن أُرْجَعً إحساسَ المدى بالرِّيح؟‏
هل وحدي الّذي تنهار في عينيه‏
أبراجُ صلاةٍ آثمَهْ؟‏
هل أنا وحدي وأنتِ الفكرة المنهزمهْ؟‏
اقلبي الأشياءَ، عودي بالبذار العارَمَهْ‏
بين نهدين أداراَ كوكبَ الخصبِ بأعماقيَ‏
في لحظةِ وجدٍ دائمَهْ‏
لأرى خلفَكِ ميراثاً من الشّ‍َهوةِ منسوخاً بحبرٍ‏
من خلافاتٍ، إماراتٍ، وليلاتِ عويلٍ مظلمَهْ‏
هل تعيدين إلى الأرضِ نداها الأنثويّْ؟‏
وإلى الأمّةِ أسرار التّرابْ؟‏
همتُ في وادٍ صداهُ حجريّْ‏
لا أرى فيه طيوراً حوَّمت فوق مياهْ‏
لا أرى يَنبوعَ نور نبويّْ‏
أنا لي عينٌ برؤياها شقيتُ‏
وليَ الأبعادُ تنداحُ وتزدادُ...‏
ففي أيّ حدودٍ تنتهي الأرضُ؟‏
وفي أيِّ صباحٍ سأموتُ؟‏
شبحُ الموتِ تراءى في منصَّاتِ التَّراتيلِ،‏
فهل لي قربَ فخذيكِ حقول عربيّهْ؟.‏
أبعثُ الرّوحَ بها سنبلةً تُنْتِجُ قمحاً وهويّهْ؟‏
يا انشقاقَ الأرض عن زنبقةٍ وسْطَ الخرابْ‏
وحدكِ الآن معي،،رؤيا بها أَكْبَرُ في‏
منعطفٍ تعصفُ فيه الرّيحُ،‏
تجتاحُ الذّئابْ‏
مدناً فرَّغها الطّاغوتُ من أشجارها،‏
وامتدّ إسمنتٌ على سور السّحابْ‏
كم تغيَّرتْ وغُيِّرتُ، ولكنْ‏
لم يزلْ في القلب للقلب بقيّهْ‏
لأرى الجنَّة والمأوى بعينيكِ،‏
وأتلو بين كفَّيكِ تراتيلَ الكتابْ‏
لك يا أنثى الأناقَهْ‏
مقعدٌ في نزهة الرّوحِ،‏
لكِ العشبِ يغطّي قدميكِ‏
ولك المتّكأُ السَّاحرُ من صدري،‏
وما ليسَ لهذا الكون من سحرٍ،‏
فهل أفصحُ عمَّا يسحبُ الزَّهرَ من الرُّوحِ‏
إذا غابتْ عن الروح رؤاكِ؟‏
كيف أبقى فارغاً‏
كفؤاد الأمِّ إذْ أُلْقيَ في الْيمِّ بنوها؟‏
كيف أعلو في قناديل أراها‏
كلَّما قالتْ بريقاً أطفأوها؟‏
ويدي ترحلُ مابين دخانٍ وضبابٍ في بلادٍ ضيَّعوها‏
ليس للشّعر سواكِ‏
ليس للفجرِ الَّذي يهطل من تفَّاحة الشَّمسِ‏
سوى نوركِ حُلِّي في ضمير الإلفةِ العالي‏
ليطويني مداكِ‏
عاشقاً تبلغُهُ بئرُ اللَّظى لولا يداكِ...‏
____________
22/نيسان/1995‏