جسدكِ يكتُبُ شِعْري - علاء الدين عبد المولى

موكبي يلتقطُ الأضواءَ من عينيكِ،‏
يسري خلف أحزانِكِ،‏
يطوي فجركِ القمحيَّ حتَّى يتلاقى المنجلُ‏
المكسورُ‏
في قلبي مع الحنطة في صدركِ،‏
عُودي يا بداياتِ الرَّنينِ المرهفِ‏
وقفي عند سياجٍ لفَّ أشلائي، قفي‏
وأعيدي سجدةً كنتُ أضعتُ العمر في تكوينها،‏
فوق بلاط مُدْنَفِ‏
وحدنا الآن،‏
ولا معبد إلاَّ في خوابينا تراءى بُعْدُهُ‏
نبتكرُ الإيمان في رعشةِ كفّينِ على نَهدَيْنِ‏
ينسابان حتَّى النُّطفِ‏
أنا إرثٌ من ربيعٍ أجلّتْهُ أمّةُ الرّملِ‏
استبيحي دفئه‏
فإذا أحرقتِهِ بالوصل، لا تنصرفي‏
ها أنا معترفٌ بالزمن المطلول في رأسي،‏
على أكتافِ شِعري هَوَتِ الآفاقُ حتّى‏
أنهدَّ منها كتفي‏
كعبةٌ أنتِ من اللّؤلؤِ والشَّهوةِ،‏
أطلقتُ حوالَيْها جُمُوعَ الشَّغفِ،‏
وخلعتُ العمرَ من عنْقي‏
رميتُ الجرّةَ الفاسدةَ الخَمْرِ‏
وسمّيتكِ بيّارةَ عطرٍ عسليٍّ‏
في رؤاها انطلقَتْ أعماقُ كفِّي‏
هذه القادمةُ الآنَ من الزَّهْرِ،‏
فراديسَ بلا حَدٍّ ولا مُنْعَطَفِ‏
سهمُها الخالقُ أدمى خَلْق وجداني‏
فناديتُ شعوبَ القَلَقِ السّاكنِ في صدري: انزفي‏
وانطقي في حضرةِ الأنثى الإلهيّة شِعراً خالياً من‏
شُبَهاتِ الأحرفِ‏
حلوةَ الحزنِ احزني، رائعةٌ أنتِ،‏
وهذا الجَسَدُ الباكي على طاولةِ المقهى،‏
على شبّاكِ روحي،: مِعْطفي‏
نزلَ الماءُ على الأرواحِ‏
وانداحَ بنا المتحفُ حتّى سقطتْ ألواحُهُ‏
واشتعلتْ فينا ظلال التُّحَفِ‏
في يديكِ انكسَرَ الصَّحْنُ الخرافيُّ، أعيدي شَكْلَهُ‏
شكلهُ قلبي فلا تعترفي‏
هذه الأوراق بيضاءُ، وهذا قلمُ اللَّيلِ، وهذا دميَ الحبريُّ/‏
شُدِّي جَرَسَ الإيقاعِ‏
رُدِّي لحظةَ الإلفةِ للشِّعرِ،‏
وإنْ أخطأتُ في نار القوافي، ألِّفي أنتِ جنوني، ألِّفي...‏
____________
13/ آذار/ 1995‏