هكذا، على رحيق الزهر حافية - علاء الدين عبد المولى
أدعوكِ عاليةَ الجنابْ
شمعاً فصيحاً تسهرين على غوايتِهِ
وأدعوكِ المشيئةَ فوق ميراثِ التّرابْ
ومعاً نعيدُ بعيدَنا من نفيِهِ
ومعاً سنغشى ما تبقَّى من ظلالٍ
أوّلَ الأحلامِ...
فيَّ تمارسين البحرَ،
يعتمدُ الجنونُ مراكبي
وتجمّعين من النّوارس صيفَ زينتكِ الجديدةِ...
علِّقي هذا الرّبيعْ،
قرطاً صغيراً... والبسي سحب الشّتاءْ
زنّارَ فجرٍ...
والخريفُ تأبَّطيهِ واذهبي
ودعي على قدميه شطآناً تؤلّف رحلةَ العشَّاقِ
تنكتبُ الزَّوارقُ،
والشِّباكُ تُحاكُ بين شفاههم
حتَّى يصيدوا اللّؤلؤ الباقي،
ويحتفلوا بإخصابِ المحارْ
أحميكِ من هذا الدّوارْ
وأحرّض الفَرَح الضَّريرَ على النّزولِ
ضيفاً بصيراً في يديكِ... فلا تميلي
للمغيبِ ولا تُحولي دون ميلاد النّهارْ
أنا كشفُكِ الآتي...
تمثَّلْنا معاً لَعِبَ الجَمالِ مع المرايا
أيُّها يلدُ النُّهودَ بلا قناعٍ أو غبارْ؟
جئنا... أأخطَأْنا الجهاتِ،
أأخطأتْ عرباتُنا جسرَ الفَرَحْ
لنصحِّحِ المعنى إذاً
ولننتظرْ في الشّعر عودَتنا إلى ألعابنا الأولى
نغافلُ أمَّنا فنغيبُ بين التُّوتِ والرّمَّانِ
نزعمُ أنّنا كنَّا نصومُ
فهلْ رأى ناطورُ كرمتنا أصابعَنا مخضَّبةً
وأخبرَ –عن شقاوتِنا- أبانا؟
جئنا نغطُّ جناحَنا الذَّهبيَّ في مصباح لذَّتنا
لتنضجَ في مخابئنا غزالتُنا
سنطلقُها ونتبَعُها،
تضيِّعنا نضيِّعها ونبلغُ مشتهانا
أخطاؤنا البيضاءُ واردةٌ
وقد نلهو ونعبَثُ كيفما اتَّفقَتْ يدانا
قد نستطيعُ القفز من فوق السّياجْ
تبكين من ذنْبٍ وأبكي
لكنَّني لن أطلبَ الغفران عنكِ
هذي إقامتُنا على أرض الجمالْ
ستكون أطولَ من هشاشتِنا ومنكِ...
... ... ...
أنا لا أريدُ الموتَ دونكِ
لا أريدُ الموتَ قبلكِ
لا أريدُ الموتَ بعدكِ، لا أريدُ
سأشمُّ بين خطاكِ نعناعَ الطّفولةِ
أو أرى حبَقَ العذارى
كيفَ تبلغُه النّهودُ
وأراك سيّدةً على النّسيانِ والذّكرى تسودُ
أنا لا أريدُ فضيلةَ الفرسانِ في القصص القديمةِ
لا... ولا صحراءَ يفتنُني السَّرابُ على مراميها،
أريدكِ هكذا:
امرأةً تعلّمني شفافيةً
تسيرُ على رحيق الزَّهر حافيةً
تزيِّنها الأساورُ والعقودُ
ويجودُ بين رحابها النَّشوى الوجودُ...
كوني إذاً ما تشتهين وأشتهي
كوني تموُّجَ مخملٍ في مهدِ إيقاعِ النَّدى اللاَّ منتهي
وإذا استطعتِ الرَّقصَ بين الصَّحو والأمطارِ
دون مظلّةٍ، فلتصعدي
فوق المدى، وتألَّهي...
... ... ...
لستِ الأخيرةَ من تضيف إلى
سرير الصَّيفِ فاكهةَ العبيرْ
أو تحملين اللَّيل في كفٍّ تشرِّدني
وتولمُ لي أصابعها الحريرْ
أنا لا أحبّكِ،
بل أسمّي الحبَّ باسمكِ،
أو أحاول أن أطيرْ
ولقد أمرّ عليكِ في اليوم المطيرْ
لأفاجئَ الطّرقات وهي ترى القصيدةَ خلفَ شاعرِها تسيرْ
وترى الخيالَ يحيطُ بي، وجنودُهُ عسلٌ يعبّئُ جرَّةَ المعنى الفقيرْ
حتّى متى يعدو خيالي حافياً في الجمرِ؟
حتّى ألفظَ الكونَ الأخيرْ...
___________
13/11/1999