قيثارة الفجر والجسد - علاء الدين عبد المولى

قيثارةٌ في الصّبح ترفع وجهكِ الشَّفَّافَ‏
يغتسل المدى بجناح عصفورٍ من الفيروزِ‏
ينتظر الحبيبُ ظلال أنثاه لتملأ راحتيهِ‏
بالنَّدى‏
والذّكرياتُ تسيلُ حنجرةً مشرَّعةً لعزف الماءِ في جسدِ الصّدى‏
شمسٌ تمدّ عباءةَ الإيقاع فوق لقائنا‏
والموجعاتُ تعودُ من طرقاتها‏
فتميلُ أعناقٌ من الوجدِ المُمَوْسَقِ في حنينِ دمائنا‏
حضرتْ كؤوسٌ من نفوسٍ نيّراتٍ‏
تمزج الأبصارَ بالشّجر الكثيفْ‏
هل رحلةٌ أم عودةٌ؟ أم وقفةٌ خضراء في باب الدّموعْ‏
هذا اللّقاء؟ أم الصَّداقة حرَّضتْ حجر الضّلوعْ‏
فانساب أشلاءً؟‏
دعي شبَّاك رقصتنا على الدّنيا‏
دعي عطرَ الخلود على ذُرى نهديكِ منسدلاً‏
وروحَ العنبرَ السّرّيِّ أرشفُ صوتَهُ بحواسِ‏
أغنيتي‏
وأفتحُ زهرةَ الأحزانِ في كفِّي‏
أجمّعُ حولها نسلَ الفراشاتِ الولودْ‏
هذا الصّباح ترنّ في ملكوته أصداءُ فيروز المقدّسةِ الدّعاءْ‏
هذا الصّباح غموضُ حزني‏
واندلاعُ سنابلِ الشَّهواتِ في حقل الدّماءْ‏
مدِّي بساطَ الكون‏
أَوسَعُ من هواجسِنا الفضاءْ..‏
هذا أنين الناي يبقى زرقةً‏
تتلو على أسماعنا عشقاً‏
/صباحِ الخيرِ/‏
قهوتُنا أفاضَتْ هالها فوق الخلايا‏
بيضاءُ لذَّتنا ، وعذراءُ المرايا‏
لم ننكسرْ حتى نلملمَ وهمَنا‏
لم تكتملْ كلّ الحكاية بعدُ‏
لكن تمَّ أمرُ العشقِ‏
فلنرفَعْ قلاع الحسِّ من حجرِ الأغاني‏
هذا طريقُ النّحل يا امرأةَ العسلْ‏
هذا بكاءُ العاشقين على حجرْ‏
هذا شروقُ عروقِ أحلام الفتى‏
من قلب قيثارٍ تناثَرَ حول إيقاع الحصان‏
رقص الثّنائيّ القديم بنا،‏
وهبّت قامةُ الأنثى لتنهضَ بالذَّكَرْ‏
غيبي وراء خميسِ أحزاني وجمعةِ صبوتي‏
صوتي زفيرٌ يلتقي فيه القريبُ مع البعيدْ‏
صوتي ارتفاعُ الأرض من إنشادها الرّعويِّ حتَّى‏
رقصةِ العصفورِ مذبوحاً على سور المدينة‏
صوتي خلائقُ في يديكِ نشرتُ موجتها‏
وباركتْ السَّفينهْ‏
غيبي وراء الغيب‏
في الطّينِ المنوَّرِ‏
في رداءِ الحلم‏
في صحو النّداءاتِ الحزينَهْ‏
قيثارتي صبحٌ ينقِّطُ لؤلؤاً‏
ولقاءُ أيدٍ تقرَعُ الأجراسْ‏
لتقول شهوتَها‏
وتهرب من كلام اللّيل والحرَّاسْ‏
قيثارتي عطشتْ‏
فصبَّت نزفَها‏
ومضت لتشرب نخبَك العالي‏
دعي أوتارها ناراً من الياقوت والفيروزِ‏
تشعل أوّل الأعراسْ‏
... ... ...‏
ماذا يقول الفجرُ حين يكون ضيفاً مرهفاً‏
في حضرةِ الإحساسْ؟‏
_________
25 / أيار / 1995.‏