مزامير في الحب والظلام - علاء الدين عبد المولى

....وبين كواكبَ تمشي إلى فَجْرِها أتناثَرُ،
أُوقِظُ من نومها شهرزادَ
وتبدأ موتاً مُعاداً
وأسهرُ في صوتها البابليِّ
أجسّدُ حتَّى المناما
أرتّب أوتار حنجرة الخمرِ تُسْكَبُ فيَّ مقاماً مقاماَ
يفاجئنا مجدُنا عارياً
ويُلقي علينا أمينُ الفضاءِ سلاما
أماكان أَولى بهذا الثّنائيّ أن يتماهى؟
فكم زاد وجُهكِ وجهي انقساما
بليغٌ هُوَ اللّيلُ إذ يتشقّقُ عن ياسمينِ الكلامِ
وأنسى لديه الكلاما
وأمنعُ نافذةً أن تُغَلَّقَ
أُمْلي على الذّكريات وصايا التَّدرُّجِ في
عسلِ الحلم كي لاتفاجئني الذكرياتُ
وتتركني من جديدٍ حطاما
أنائمةٌ أنتِ يابنتَ داود في الغسق المتطاوِلِ
خلف القرى والمدائن؟
كيف أصابعُ رجليكِ تشعلُ جَمْرَ الشّتاءِ؟
ويلتفّ خصُركِ بالمخمليِّ الشَّهيِّ
فيَضْمُرُ أفْقٌ وتُخْتَزَلُ الكُرَةُ الشّهَويَّةُ....
يا بنتَ داود
ماكانَ وجهُكِ فاكهةً، غير أنّي تشبَّعتُ من عطرِ
أزهاركِ الدَّاخليّةِ سحراً حراما
أنائمةٌ أنتِ، والعشقُ يخجلُ فردوسُهُ أن يناما؟
أُباعِدُ بيني وبينكِ يابنت داوُد
حتَّى يداهمَني إرثُكِ الجسديُّ بمزماره الذَّهبيِّ
نسيتِ مزاميرَ جَدّكِ يابنتُ؟
هاتي إذَنْ حلمتيكِ
لأنفخَ في هذه فتصابَ بإيقاع جنٍّ،
وألقي على هذه شهُبَ اللّيلِ حتّى أضيّعَ
ماالفرقُ مابين نهديكِ والشَّفتينْ
وإنِّي هّدّيْتُكِ يابنتَ داود نَجْدّيْنِ
أُرْخي بظلِّهما مئزري وأؤذّنُ: حيَّ على الزَّهرتينِ
فألْقى عبادَ دمائي قياما....
...
ويا بنتَ داود....
مازالت الرّيحُ تنحَتُ للبحر إيقاعه
فيصلّي لبحّارةٍ قادمينْ
ومازالت الأرضُ تنهض عند الصّباح مجلَّلةً
بالحلى والحنينْ
فأين تسوقين قطعانَ روحِكِ بعد تآكلِ قمحِ السِّنينْ؟
أراهبةٌ أنتِ في قرية؟
كيف تبقين يابنتَ داود عن صحوة الجنسِ
نائمةً خائفَهْ؟
أمئذنةٌ أنتِ تَجلدها العاصفَهْ؟
إلى م ستبقين خلفَ زهور سياجكِ واقفةً واقفَهْ؟
يلفّكِ عطرُ الغموضِ، ويهزمني عطرُ امرأةٍ غامضَهْ
أأرحَمُ مِنْ قبلتي شفتاكِ؟
وصدركِ أكبَرُ من شهوتي الفائضَهْ؟
قفي عند شبَّاكنا شجْرةً ناهضَهْ
أنفّضُ عنها الغبارَ وأمسحُ عنها الظَّلاما....
...
تجمّعْتُ كالبحر في قبضة البرِّ
أوقفني العمرُ في ظلِّه
واستندت إلى لغةٍ لاتُفَكّ طلاسمها...
أين نمتِ غداة تعرّيتِ في شبق البحر
أودَتْ بك السّفنُ الموحشاتْ؟
نَفَتْكِ جمُوع العراةْ
إلى داخل الماءِ،
واندلعت بين كفّيكِ نار الحياةْ
...
أيا بنت داود
أودَعْتُ أقفاصَ صدركِ بضْعَ بلابلَ طافَتْ بها رغبتي
واستحمَّتْ بوهجي
وكوّنتُ حمَّالَةَ النَّهد من شبقٍ قَدْ يشذُّ عن الخيط،
لكنّه شبَقٌ راح يحفرُ قبراً ويطمرني فيه
حتى تكثّفتُ في كلماتْ،
ويابنتَ داود، هذا نشيدي
تصوَّفَ في معبد العاشقين العُراة غراما
فلا تُغلقي رئتيك عن الفجر يخرجُ منِّي هياما
هو الفجر يغسلُ حتَّى العظاما
ويُرْدِفُ خلفَ خيول القصائد بضعَ عرائسَ
يُلْقِين في الْيَمِّ أسرارهنَّ
ويغْسلن حلماتهنَّ وأفخاذهنَّ بمسكِ خطاياي،
يَلْقَيْنَ من شَهَواتي أثاما
أَلاّ كنتِ منهنَّ عذراءَ تهتكُ عذريَّةَ اللَّحظات المَوَاتْ
وتُلقي بتثمال عفَّتها المتقنِّع خلف لهاث الدّماءِ
ليهوي رُكاما؟!...
...
صباحي عليكِ/
شوارعُ قلبيَ تكتظُّ بالعابرين إليكِ
ومازلتُ وحدي أضيءُ هوادجَ فخذيكِ بالرَّغباتْ
وأنت تضيئين قلبيَ باللّعناتْ
ونحن النَّقيضين نختالُ في بُردةٍ من حنانٍ
ونأكلُ من شجرِ الظَّن هذا الغراما
...
مسائي عليكِ/
أصلّي لهجرةِ جيش السُّنونو
أهاجرةٌ أنتِ قرميدَ حُلْمي
وأبقى وحيداً أضاجعُ ضوءَ الكواكب
حتَّى أناما...
...
منامي عليكِ/
شهدتُكِ تنتزعين من الصَّدر قنديله
وتُخْفينَ زيتَ الدّماء لوجهِ سوايَ
لأبدأ فيكِ الخصاما،
_________
22/3/1994