الشاعر موحشاً - علاء الدين عبد المولى

يبدو إذاً أنَّ الغريبَ هو الغريبُ..‏
وحالَ مَنْ يهوي، كجرّةِ مغربٍ سقطتْ‏
ولم تعثَرْ على أرضٍ تسيل على مآذنها‏
فسالَتْ في القصيدهْ‏
يبدو غروبي اعتياديَّاً إذاً‏
ومن البساطة أن تكون ضفافُ قلبي‏
ملعباً للرِّيح بعد رحيلِ ربَّات النَّشيدِ‏
لوحشة الجزر البعيدَهْ‏
سهلٌ إذاً نفيُ المغنيّ عن كلامِ الفجر،‏
سهلٌ قذفُه في أسفل الوادي،‏
وشطبُ خياله من جنّةٍ لبستْ مصابيحَ‏
اللّغاتِ لأجله،‏
وازَّيَّنَتْ أرضٌ له،‏
لكنَّها لمَّا رأت إغواءها يعلو،‏
رمته خارجَ الأسوارِ مرتطماً بوحدته الوحيدَهْ‏
... ... ...‏
أأنا الغريبُ؟‏
كم اخترعتُ لرحلة العشّاق غاباتٍ،‏
ومدّدتُ النَّبات على أصابعهم،‏
وأنزلَتْ السَّكينةَ في مضاجعهم،‏
فلمَّا استأنسوا،‏
سحبوا مزاميري بعيداً،‏
غيَّروا لونَ النَّوافذ والسَّتائر، والجهاتْ‏
حتَّى الصَّدى لم ينجُ من تزييفهم‏
لمَّا وقفتُ منادياً وحدي بقايا السَّاحراتْ‏
أأنا الغريبُ؟‏
وقد أعدتُ لهم من الأفعى مخيّلة الخلودِ‏
سرقتُ من أوكارها عشبَ الحياةْ‏
أأنا الغريبُ؟‏
مآذن قلَّدتُها بيديَّ،‏
والأجراسُ قد علَّقتها في برج ذاكرتي‏
لأدعو الضَّائعين إلى زفاف الضَّائعاتْ‏
زيَّنتُ أعناقاً بأشعاري‏
وأكتافاً بغيمي‏
والصّدورُ: أدرتُ بين كرومها جَدَلَ العناقيد المقَّدسَ...‏
فاكتسَتْ بضيائها الأقداحُ‏
واشتعلتْ خصورُ الرَّاقصاتْ‏
لم أنسَ حتَّى أصغر َالعشّاق من شمع الصَّلاةْ‏
ووقفتُ أنتظر الهديّةَ في النّهاية...‏
فجأةً/ حمل الحضورُ ظلالَهُمْ‏
لم ينتبهْ أحدٌ إلى قدميهِ،‏
كانت وردةُ الأشعار تبحَثُ عن يدٍ بيضاءَ ترفعها،‏
انحنيتُ ألمُّ وردتيَ الحزينةَ أو أعيدُ لها المساءَ المُشْتَهى‏
فهويتُ بين جموعهم‏
ناديتهم: لطفاً قفوا‏
وليبقَ منكم واحدٌ قربي‏
يحنّ على الكؤوسِ إذا انتشيتُ‏
فرغَ المكان من المكانْ‏
فرغَ الفضاءُ من النّجوم‏
فرغتُ، إلاَّ من زمانٍ داخلي‏
ما زالَ يبدأُ كلَّما فيه انتهيتُ..‏
_________
1/5/1999‏