على مقام لؤلؤة أيلول - علاء الدين عبد المولى

يَدُ صوتها صلّتْ – وصلَّتْ‏
يدُ صمتها دلّتْ – تجلّتْ‏
يد نورها هلّتْ‏
لتصغي للقصيدة بانتباه اللهِ‏
حين تحجّ آلامي إليه...‏
سوف أذكرُ في كتاب الميم (مريمَ)‏
عندما انتبذَتْ مكاناً من فيوضاتٍ‏
وأرسلنا إليها روحَنا‏
فتمثّلتْ أيقونةً رُسِمتْ بناموس الطَّبيعةِ‏
واستوت فيها عناقيدٌ تدلّتْ‏
هي آيةٌ نشوى بما حملَتْ‏
فضَضْتُ رموزها الأولى‏
ثنيتُ على دمي تأويلَها لمَّا استقلَّتْ‏
بي، وأبلَتْ في الصَّفاء بلاءها الباهي...‏
ألا دقّي على وترٍ سحيقِ النَّأي‏
يسلكُ دربَ جلجلةٍ‏
ويَفْدي المنشدينْ‏
دُقِّي على وترٍ يشفّ‏
أكاد أولْد ألف مزمارٍ‏
فغنّي واحداً منها...‏
لصوتكِ وقْعُ نَجْمٍ في إناءٍ من ذَهَبْ‏
أَحَضَرْتِ بوحَ الصَّبوة الخضراء في عينيَّ؟‏
ماهذي دموعٌ‏
إنَّها حبر التّعبْ‏
سأدوّن الأسرارَ بين يديك ناقوساً‏
وأنسى أنَّ لي قلباً يدورُ كزهرة العبّادِ‏
في فلك اللَّهبْ‏
لأكون أعلى من علِّوكِ‏
يا من اتّقَدَتْ برمّانٍ‏
وعتّقَتِ العنَبْ‏
قولي: أصلّي في قصائدكَ الشَّريدةِ‏
شعشعي كاللّؤلؤهْ‏
قَدَحُ السَّماء يفيض من عينيكِ‏
يا أسطورةً كانَتْ إلهاً‏
ثمَّ سُمِّيت امرأَةْ...‏
لك في خلّية غربتي نسغٌ جديدُ‏
لك فيَّ عيدُ‏
أيلولُ من قدميكِ يمتدّ المساءُ به إلى أعلى‏
أطاردُ فيكِ معنايَ المنزَّلَ‏
كالغمام على شفاهكِ‏
أمطري قبل الأوانِ‏
وقبل تنكمشُ الورودُ‏
ماذا أسمي الأرضَ دونكِ‏
للطَّبيعة طبعُها الغلاَّبُ‏
والأبوابُ فيها لا تُعَدُّ‏
لتدخلَ الأشجارُ ذاكرةً تمرّدكِ القديمَ‏
على الفصولِ‏
هذي يدُ الإيقاعِ تصعد بي وتهبطُ‏
والسّلامُ على مسلّمتي‏
وحاملتي بأجنحة الخيولِ‏
ولها مسائي لابسٌ صُوراً مذهَّبةً‏
وأنساماً منمَّقةً‏
وأشياءٌ تجولُ على تخوم غموضِها‏
فأرى هنا امرأةً تعدّ الرّوح للطَّيران..‏
أو جسداً يهبّ من الحنانِ‏
أأنا هنا، وهي التي ألغَتْ مكاني؟؟؟‏
تشكيلُكِ انفجَرَتْ دواخله‏
وأعطَتْ جعبةُ الألوان أخضَرَها وأزرقَها‏
وما زال المدارُ يعيدُ نظرَتَهُ إلينا‏
بالَغَتْ في العري هذي الياسمينةُ‏
هل عطفناها علينا‏
لنكون أقرَبَ من تفتُّحها‏
وأبعَدَ عن يدينا؟‏
يدُ صمتها اتَّخذتْ شروقاً في الغروبِ‏
ولم يكن في الأرض متَّسعٌ‏
سوى لركوعِ قلبي خلفها‏
هل شمعةٌ فتذوب؟‏
أم صوتٌ يجيءُ معبَّأً بجميع ما في‏
الروح من جمرٍ؟‏
سلامكِ حلَّ في جسدي‏
وسرُّكِ في يدي‏
ناولتُ نفسي (مَريماتٍ) كلّهنَّ‏
أضأنَ في عينيكِ...‏
قولي: قلعةٌ ورمَتْ مفاتنَها جميعاً في صليبي‏
فلنسلك الدَّرب الغريبةَ‏
ذائقَيْنِ حريق سيِّدنا المزنَّر بالأعالي‏
ولنختبئْ في كلْمتين‏
رأيتُ سحرهُما على شفتيكِ تنتصران لي‏
وتوائمان قصائدي بين النّبوءةِ والخيالِ‏
سأجيءُ من لين اللآَّلئ في يد الخلاَّقِ‏
من وجعٍ بنى حرماً على قَلْبي‏
وقطّعَ لي وصالي‏
وأكونُ بعضَ خشوعِ صومعةٍ‏
تخضَّبَ بالمدى رهبانُها‏
سيكونُ فيَّ أمانُها‏
لأطوفَ حولكِ عابداً‏
وثَنَ الجمالِ...‏
____________
8-11/9/2000‏