على بابها الغارق في الياسمين - علاء الدين عبد المولى

1ـ أجمل من صوتنا‏
هو الحبُّ أجملُ من صوتنا‏
فلتكن أيّها الصّمتُ أوّلَ هذا الغناءْ‏
هو الحبُّ أجمَلُ من عاشقيهِ‏
ليهربَ من اسمِ صاحبه وبنيهِ‏
فلا تحسبيني أزيّنُ وقتي بقنديلِ زيتٍ شحيحٍ‏
أنا تيهُ من لم يتيهوا فتيهي...‏
ولا تحسبيني قليلَ البكاءْ‏
هو الحبّ أجمَلُ من أن يكونَ‏
على حجرٍ، جالساً بانتظار الدّموعْ.‏
ليحلمَ أن يستردَّ المرايا الَّتي‏
كرّرتْ أمسَهُ بالأسى والمهالكْ.‏
هو الحبّ أجمل من يأسنا المتهالكْ‏
ويخطئُ روحُكِ إن كان يحسَبُهُ غيرَ ذلكْ...‏
××× ××× ×××‏
2ـ من حالتي حالها:‏
معذِّبتي تستبدُّ‏
فهل أستردّ مخيِّلتي من أصابعها؟‏
هل تردُّ؟‏
هي الآن أبعَدُ من أمسها حين يمضي‏
وأحزَنُ من غدِها وهْو يبدو‏
أعدتُ إليها تراتيلها‏
ورجعتُ فقيراً من السِّحرِ، أعدو‏
مع الحبّ في تربةٍ قلبَتْ زرعَها‏
لتحدّثَ أخبارها...‏
مالها، مالها؟؟؟؟‏
أفرغَتْ فيَّ أثقالَها‏
وأنا صغتُ من حالتي حالَها‏
فلماذا تصدُّ؟‏
لها ما تريدُ:‏
لها أن توزّع قلبي على صيفها والشّتاءِ‏
لها رحلتان، ثلاثٌ، وما لا يُعدُّ‏
لماذا إذاً كلَّما ارتفَعَتْ من صلاتي سماءٌ لها،‏
خسرتُ مكاناً على الأرض؟ كيف أشدُّ‏
كواكبَ غربتها بفضائي، وغربَتُها لا تُحَدُّ؟...‏
××× ××× ×××‏
3 ـ أودّع نفسي على باب نفسِكِ:‏
أقبّلُ أقدام روحكِ حين ترفُّ‏
على ماء قلبي، فيصفو...‏
ألستِ القريبةَ من ذاتكِ الآنَ؟ لا تهجريها‏
وهذي مصابيحُ لطفٍ فلا تدعيها تجفُّ...‏
هجرتُكِ؟ أم أكملَ الله فيَّ الجحيمْ؟‏
أودّع ماذا؟ القصيدةَ، أم سحرَكِ المتعالي‏
أم العبثَ المستديمْ؟‏
أودّع نفسي على باب نفسكْ‏
وأحملُ في داخلي ـ فوق يأسي ـ توابيت يأسكْ‏
لأدخلَ كنهَ الوداعِ‏
وأحلمَ في غفوة الموت أن يتأمَّل هذا المغنّي الشَّقيُّ‏
وضوحَك عند الولادةْ‏
غموضكِ ليلةَ عرسكْ...‏
××× ××× ×××‏
4ـ إقامة:‏
لا أحبّ الإقامةَ في ظلِّ عينين لا تشعلان الحرائقَ‏
في غابة الانتظارْ‏
لا أحبّ الإقامةَ في حجرٍ فارغٍ من نباتِ النَّهارْ‏
أستميحُكِ عذراً إذاً‏
إنْ خلعتُ على الحزن قلبي،‏
وأفرغتُ من فرحٍ كلَّ ما كان في داخلي من جرارْ‏
واستندتُ إلى ضوء أغنيةٍ شاحبٍ، و... ختمتُ الحوارْ...‏
××× ××× ×××‏
5ـ آنيتي في يديك:‏
أهشّم آنيتي في يديكِ‏
وأتركُ روحي تسيلُ على الأرضِ، لا تجمعيها‏
فكم جئتُ سجّادة النّور أركع خلفكِ،‏
أعجنُ فيَّ من النَّار والقمحِ ذاتي، ولم تُطفئيها‏
وعرّيتُ قلبيَ من ليلِه‏
ليضيء على مهلِه‏
ثمّ لمّا انتبهتُ إلى شكلِه‏
ـ كم تصدَّعَ ـ لم تصليه بأوَّله‏
فاتركي ما يشيرُ إلى أنّه كان في القلب قلبٌ‏
وفي الشّعر شعرٌ‏
وفوق المآذن رفُّ حمامْ...‏
دعي دير حزني يرنّ بأجراسه في الظّلامْ‏
دعيني أحبّك في لغتي... والسَّلامْ‏
××× ××× ×××‏
6ـ لوحشة بابها:‏
لماذا تريدين هذا الصّباح رهاناً على‏
عودة القلبِ منتصراً بالجنونْ؟‏
وتلكَ المفاتيحُ في بهو أحزاننا عُلّقتْ وحدها،‏
لا يحاورها الفاتحونْ‏
وبابُكِ مستوحشٌ...‏
كان يغرقُ في الياسمينِ‏
وكانتْ تغنّي له السَّاحرةْ‏
فيفتح في ذاتِه ذاتَهُ‏
لتدخُلَ من ضفّتيه العيونْ‏
وكنتُ الوحيدَ الَّذي لا يبالي بمن يدخلون ومن يخرجونْ...‏
××× ××× ×××‏
7ـ ألم نشرح؟:‏
إذا كنتِ سرَّ التَّلاشي‏
فإنّي ارتعاشُ الفراشِ الَّذي اختارَ عنوانَهُ في العَدَمْ‏
وإن غاب عنكِ نهارٌ‏
وقلبُكِ حنطةُ حبٍّ يتيمٍ،‏
فمن بعض بعضيَ أنَّكِ طاحونةٌ من ألَمْ...‏
وقيل لصدركِ: نشرحُ أحوالَهُ بصهيل المغنّي...‏
فقال المغنّي: ألَمْ؟...‏
وغاب مع الغائبين‏
وخلَّعتِ الكلماتُ نوافذها‏
فقَدَتْ لذَّة الاكتشافِ‏
وخافَتْ من الرَّقص في معبد الانعتاقِ‏
وأوحى إليكِ المغنّي بألاَّ تخافي‏
وضمِّي إليكِ ضفافي‏
فكيف تركتِ الزَّوارقَ تغرَقْ؟‏
وسلّمتِ للنّار ميلادك الذَّهبيَّ‏
وكنتِ من العُمْق في نشوةٍ هيَ أعمَقْ؟‏
إذاً... فلتكوني جحيمَ المهاوي، فإنّيَ بوَّابُها‏
وإنْ كنتِ أنت مدينةَ حزنٍ‏
فإنّي أنا بابُها...‏
________
4/12/1998‏