خميس الأمان - علاء الدين عبد المولى

..وأُديرُ خصركِ في يدي عقْداً من اللّذَّاتِ‏
ماهذا الحنانُ يشبّ في الأضلاعِ موسيقى خيولٍ؟‏
حولَنا كتُبٌ مغلَّقَةٌ‏
وفينا تفتَحُ الأسماءُ دهشتها‏
عرفتكِ في كتاب الزّهر ناعمةً‏
تذيبين اللّغات مع الرَّحيقِ‏
وتُرضعين النَّحل من نهدٍ يُريقُ على‏
نباتِ أصابعي شمعاً حريريّاً...‏
سمعتُكِ في كتاب الذّكريات‏
تفاجئين شتائيَ الماضي‏
وتنسدلين غيماً فوق شبّاكٍ حزينٍ...‏
هذه:‏
أعناقُنا اكتظَّتْ كمئذنتين للقُبلاتِ،‏
قيثاران للتَّرحال في السّموات‏
تهطل من تمازجنا ملائكةٌ تبشّرنا‏
بأنّا سوف ندخل باب كونٍ تنحني لعبورهِ الأقمارُ،‏
نحن على فضاء المسرح الرّوحيِّ‏
جوقةُ أغنياتٍ تحملُ الطّيرَ الملوَّنةَ، الضّياءَ،‏
ونشوةَ الخفقان،‏
ذروةَ عاشقينِ، كلامَ ليلٍ لا يقالُ‏
نحن الّذين سعى الجمالُ إلى مخابئنا،‏
فسهَّرناهُ حتَّى نام في دمنا الجمالُ...‏
... ... ...‏
رمّانةٌ شُقَّتْ بسيفِ ظهيرةٍ أنتِ،‏
انفلاتُ حمامةٍ من ريشِها‏
وحوارُ عصفورين نحنُ أمام باب حديقةٍ:‏
-أسكبت إبريقَ الجسدْ‏
تمراً يغذّى ليلةً موجيّةً تلدُ البياضَ من الزَّبَدْ؟‏
أشهدتِ كيف أغطُّ منقارَ اللّهبْ‏
في مخمل اللّذّات، في لحم الذّهبْ؟‏
ينهارُ في عتباتِكِ البيضاءِ تمثالُ المساءْ‏
إذ تنهضين بقامةٍ تصفو، تلألئُ،‏
تنحني، تعلو، تميلُ، تقولُ،‏
تشلحُ ظلَّها وتشفُّ،‏
تنضجُ بين نهديها قناديلُ العنَبْ...‏
الوقتُ من مطرٍ،‏
ونحنُ مدينتان من الرَّهافة في المقاعدِ،‏
تغسلان أصابع الطرّقاتِ،‏
هذا ظلُّ عرسٍ،‏
خاتمان ورقصتانِ‏
هذا افتتاحُ فواكهٍ فرحَتْ، ونالَتْها يدانِ‏
مَن يَقلَعُ الأعشابَ فوق سياجنا‏
ويهذِّبُ الأشجارَ؟‏
كنّا نلتقي في ظلّ عائلة من الفخّارِ،‏
كفّك تفرطُ الرّمّانَ،‏
عيناك الرَّحيل إلى بلادٍ من أغانِ‏
هل كنتُ فاديك المخلِّصَ؟‏
لستُ قبّعةً لفارسِ ليلةٍ بيضاءَ،‏
نحن اثنان نكبرُ إذ نعاني‏
لا تذهبي خلف الهشاشةِ‏
أنتِ أطرى من ندى صيفٍ عتيقٍ‏
أنتِ أجمل من مرايا العاشقاتْ‏
أيكون فيما بيننا خبزٌ وملح؟ كانَ...‏
أنسجةٌ وجرحٌ؟... كانَ...‏
إفطارٌ وأمطار وأطوارٌ‏
وقلبان احتفاليَّان يفتضَّان لغَز المهرجانِ‏
ليكنْ أمانٌ بيننا، ليكن أمانٌ...‏
نحن ضَعْفُ القوَّة الأولى،‏
ذهابٌ في الدّنانِ إلى عناصر خمرةِ الأرباب،‏
تَحكُمُنا العبارة،‏
تحتوينا خضرةٌ لتفيض أعيننا بمكبوتِ الحنانِ‏
ليكنْ أمانٌ بيننا‏
ولنأخذِ الدّنيا بزهوتها،‏
كأنَّ بكارةً تبقى،‏
ومازالتْ حماماتٌ على ماء النّبوّةِ،‏
آدمٌ مازالَ،‏
حوّاءٌ وتفّاحٌ،‏
وأفعى تحتمي بظلالنا‏
ربٌّ يعلّمنا القراءةَ والأسامي‏
ربّ يهزّ لنا الثّمار،‏
يضيءُ أحجار الظّلامِ‏
فيكون:‏
تغتسلُ الخطيئةُ بالحليبِ‏
وكلّ من حملّ الذّنوبَ وماتَ،‏
تنبتُ فوق قبره زهرتانِ‏
ليكن أمانٌ‏
أنتِ سيّدةُ العذابِ،‏
وأنتِ عكّاز الأمانِ...‏
____________
30/تشرين الثاني/1995‏