من مخيلة اللهيب - علاء الدين عبد المولى

قصائدُ؟أمْ مخيِّلَةُ اللَّهيب نَمَتْ‏
ووجهكِ طالع فيها أمِ الأفقُ؟‏
يداكِ عناقُ أغنيتينِ فوق دمي‏
وأنتِ ترتّبينِ غمامَ أيَّامي‏
تعيدين الحدائقَ من تشرُّدِها إلى حلمي‏
لينهضُ زنبقٌ، ويقول عطرَ كلامِهِ حَبَقُ...‏
/أحبّكِ/ لفظةٌ سُكِبَتْ على شرفاتِ عشّاقٍ مَضَوْا وأتوا‏
مبلَّلةٌ أصابِعُهُمْ بروحِ المسكِ،‏
منْ أقدامهم يتفجَّر الألقُ‏
/أحبّكِ/ هذه تسبيحةٌ تمشي معي منذ اشتعال الفجرِ في‏
شجر الطّيور إلى انسحابِ الشَّمسِ خلف جزيرةٍ‏
ينأى بها الغَسَقُ‏
لماذا تفتحُ اللَّغةُ الجهاتِ على ظلالكِ‏
كلّما ضاقتْ على أسفاريَ الطّرُقُ؟‏
أنا الخيلُ الجَمُوح إليكِ،‏
يسبقني شعاعُ صهيليَ الكونيَ،‏
بين يديَّ عرشٌ فوقَهُ يتربَّعُ الشَّبقُ‏
هو الحيّ الذي يبقى‏
إذا العشَّاقُ في نار الغزالِ السَّاحرِ احترقوا...‏
ويبكي داخلي ((الولدُ الذي ضاقَ الفضاءُ به))‏
ليصعدَ حزنُنا أدراجَ بوحٍ راح يُبكينا‏
سهامٌ أنتِ في القلبِ الَّذي طرَّزتِهِ‏
بنجومِ معجزةٍ تباركنا وتُحْيينا‏
فنامي في أصابعِ صوتي الآتي‏
كدمع النّاي ينزل من عيون الشَّرقِ‏
يُلقي سرَّه فينا‏
سمعتكِ خلف باب الصّمت تنتحبين،‏
ما أبهاكِ، سبحان الَّذي سوَّاكِ،‏
دمعُكِ سورة الرَّحمنْ‏
قرأتِكِ ، أيُّنا مازال فصلاً غامضاً‏
لم يفتتحه قرنفلٌ،‏
لم تنتشرْ أسماؤُهُ في الياسمين وجنَّةِ الرّمَّانْ؟‏
قرأتكِ... أنتِ مرآةٌ مرصّعَةٌ بأقمارٍ‏
ترشّ حنانَها الفضّيَّ فوق الكائناتِ المستباحةِ‏
في خيامِ الرّيحِ دون حنانْ‏
خفظتكِ يا مرتِّلَةَ المزاميرِ البريئةِ في أناشيدي‏
دعي فيها شموخَ جمالِكِ الوثنيِّ،‏
أعبُدْ عندكِ الإنسانْ...‏
... ... ...‏
تفتَّحَ فيَّ ليلٌ نازلٌ من قريةٍ نامَتْ‏
ووجهُ حبيبتي أيقونةٌ مازال حول بريقها‏
يلهو فَراشَ الحزنِ‏
نصفُ اللّيلِ هذا شقَّني نصفين‏
دقّتْ ساعةٌ حجريَّةٌ‏
ونزفتُ شمعاً كلَّما ذابت مساكبُه‏
دفنت أصابعي فيه أشكّلُ منهُ وجهكِ...‏
أيّ تمثالٍ جليلٍ أشرَقَتْ أطرافُهُ ذهبا‏
أرَقْتُ عليهِ نور العين فالْتَهبا‏
دنوتُ إليهِ أحنيتُ الضّلوعَ له‏
ولمّا صرتُ أقربَ من يديه إليه،‏
لملمَ عريَهُ الذّهبيَّ واحتجبا‏
فنمتُ على بلاطِ الحلم‏
يهطلُ من يديَّ الفجرْ‏
وتسحبني ظلالُ أميرتي الشَّقراء‏
توقفني بأرض الجمرْ‏
تؤذِنُ بي مباهجها‏
فأدخل في صلاة الشّعرْ...‏
_________
16/ أيار/ 1995.‏