غـزال - علاء الدين عبد المولى

غزال سديميّ تراءى ليَ الليلَهْ
فما كان إلاّ أن أضاء المدى كلّهْ
تحدَّر من أقصى غمامات عالمي
وكانت شريداتِ البصيرةِ، معتلَّهْ
وألقى على روحي بأطياف نوره
أنا المختفي في ظلمةٍ تلدُ الظُّلمَهْ
تلقّيتُ عينيه اللّتينِ أشعَّتا
بعينين أرمي فيهما كلَّ ما أتى
ورحتُ -كبرقِ الغيب- أسمو إلى القمَّهْ...
...
غزالٌ سديميٌّ...
تَهَّيجتُ فيه صورةَ القلب إذْ أَجْرى
بفضَّته العذراء في اللَّحظة العذرا
...
وبالحبِّ يَطْوى خطوتي ويمدّها
إلى آخر الأشواق، مجنونةً حيرى...
...
غزالٌ أراقَ الكأسَ فوق حجارتي
أنا بيتُ ميلادِ الهيام، ومايَهْمي.
به مالئٌ قَلْبي، به كاتبٌ اسمي
هيامٌ تناءَى الرّوح في فَلواتِهِ
كرحلةِ مجنون يفتّشُ عن أنثى
رَمْته كحقلِ اليأس تحرثُهُ حَرْثا
غزالٌ بلا جسمٍ تقدَّم صاعداً
غيوبَ دمي العليا، فغامَتْ به الرؤيا
مزيجاً من الألوان كانَ، كثيفا
تناثرَ في صمتِ الهواء خفيفا
وأنشدَني من طيّبِ الذِّكْر سورةً
تفطّرَ منها القلبُ منكسرَ النَّبْضِ
وكنتُ حزيناً أستديرُ على بَعْضي
أهذا أبي من قبره قام، راشقاً
ندى اللَّه قدسيّاً على جسد الأرضِ؟
ولكنَّ هذا الصَّوت صوتُ حبيبتي
بكيتُ له من ألف عامٍ... فهل أبكي
له الآن، إذ تنمو فروع قصيدتي؟
...
وأوقفني في موقف الشَّكِّ، قال لي:
أنا السّرُّ، والبوحُ القديمُ، أنا الأوَّلْ
أنا آخرُ الأشياء في بُعْدِها المُهْمَلْ
أنا الذَّكَرُ، الأنثى، الفضاءُ وقيدُهُ
أنا قبحُكَ الموروثُ، والأجمل الأجمل...
...
بكيتُ له من ألفِ عامٍ، فهل أبكي
وقلبي "عصيُّ الدمع" في موقف الشَّكِّ؟
_________
7/9/1991