الحب الدمشقي - غادة السمان

ها أنا أغادر قطار المكابرة وأعترف: لعلّي أحبك!
عبر صلتنا اكتشفت كيف تستطيع مياه الشلالات
أن تصعد ثانية إلى نبعها،
وكيف تبني الطيور أعشاشها على الغصن ذاته مرتين،
وكيف ترجع الزهرة الذابلة في إنائها برعماً في الحقل،
وكيف تتسلل قطرة العطر من زجاجتها الكريستالية
إلى الدورة الدموية لوردتها الأم...
وكيف تنهض الأوراق اليابسة على الأرض،
لتغطي بخضرتها الربيعية الأغصان، وكيف يتأجج الرماد
جمراً...
معك تأملت الرمل الأزرق في ساعتي الرملية
وهو يسقط من الأسفل إلى الأعلى...
معك اكتشفت كيف يغادر القلب
الحديقة الزجاجية للنباتات ليصير غابة مدارية..
معك أدركت أنه "ما الحب إلا للحبيب الأخير"،
وبك اكتشفت أن الربيع لا يأتي إلا إكراماً لسنونوة واحدة!