ندى الصخور - محمد الماغوط

منذ أيام السجون والتظاهر اليومي
ضد سياط الإقطاع ودبابات الاحتلال
كانت بالثياب البسيطة
والشال المعقود صيفاً .. شتاءً
والغمّازات الطارئة المهيبة
كعصافير الأديرة
والصوت الهامس حتى أمام رجال التحقيق
والسعال المرفوض كأية فضيحة حزبية
وحقيبة الزينة التي لا تفارقها إلى أقاصي الأرض
لاعتقادها بأنه حتى ضحايا التعذيب وفقء العيون والتذويب بالآسيد
يجب أن يقابلوا ربهم وهم في أحس حال
وفي غاية التهذيب والاعتراف بالجميل
*
وكانت تتحاشى لون عنترة
وغربة طرفة بن العبد
وقوة فاتح المدرس
وسذاجة موزارت
ومتاهة كافكا
وعاهة بايرون
ومصير لوركا وكمال خير بك
وكل حملة الأكفان الممزقة لتوها.
إنها زنوبيا بلباس الميدان
وجان دارك بقميص النوم.
الوردة
والسيف
والقلم
والقصيدة
في الظهيرة
إنها باختصار: قصة حب طي الكتمان.
ومهما افترقت عن سنية
بالمأكل والمشرب والملبس والطباع
فلا بدّ أن تلتقيا في نهاية المطاف كشفرتي المقص.
أعرف كل شيء لأنني أحب كل شيء
والحزن المقيم في وجهي منذ الولادة
يرجع إلى عصور الوأد وعذابات الأجراء وأهل البيت.
أما الفرح.. الرضا.. الأمل:
فيسرحون ويمرحون في دفاتري كالخدم في يوم عطلة.