سندباد صحراوي - محمد الماغوط

كان أميراً في كل شيء، في مجتمع يعيش على الكفاف
وبين عينيه الواسعتين كنظارته الشمسية، ورأسه الأصلع،
وحذائه اللامع، وخطه الأنيق، واختيار الهدف، ودقة التصويب،
شبكة مواصلات لا تنتهي من القحة، والمروءة، والتهريج، وحسن
الإصغاء.
في سلمية
في البلعاس
في اللاذقية
في القدموس
في مصياف
في دمشق
في بيروت
لو عرضوا عليه منصب سفير أو وزير أو إمارة بكل امتيازاتها، لفضّل
عليه مقلباً محكماً بأحد أصدقائه ، مهما كان لصيقاً به أو مقرباً منه.
وقد يدفع ثمن لقمته نفقات سفر وتمويه وأختام وطوابع
ورشاوي مقابل أن يرى أحد هؤلاء في مأزق أو على شفا هاوية مقابل
أن يكون المنقذ والملجأ الأول والأخير.
وقد أوصلت إحدى فكاهاته هذه بقزم معتوه من أبناء جلدته
مهووس بالثراء والسيجار الفاخر والشابو وكل ما تأتي على ذكره
الروايات البوليسية الشهيرة، إلى حلف الأطلسي وليصبح عميلاً
مزدوجاً له ولإسرائيل، ويغرق بكل ما كان يحلم به من جنس ومجد
وفراء ومجوهرات.
لتوقعه أخيراً بين أيدي عناصر من أيلول الأسود ويمزقوه إرباً في
عقر داره في باريس.
ليفتح صفحة جديدة مع مغفل ثقافي آخر من رعيته ولكن من باكستان.