شريعة الغاب - محمد الماغوط

كما كانت الشعوب البدائية تقدم للنيل أجمل عذراء كل صباح
لتفادي غضبه على الصيادين والمزارعين
أريد كل صباح أجمل وطن لتفادي غضبي وثورتي
ثم، الخمر المعتق، محارات الشواطئ، أسماك الجنس، عروق
المرجان، زبيب التسلية، النسيم العليل، نابات الرعاة، أجراس
القطعان، وتعب المساء، ونشاط الفجر، وصلوات المحن، وأدعية
المأزق، هي نفقاتي السرية أبعثرها يميناً وشمالاً وعلى من أريد.
*
ثم المطر.. الضباب، والأشباح مرافقة دائمة لموكبي،
والرعد والبرق فتوة الغيوم الشعبية فوق رأسي،
والشمس والقمر والنجوم كبار القوم أهل الرأي فيها.
*
ثم شروطي للإقامة في أي وطن
أن تتغير حدوده يومياً وعلناً كثياب العرس أو الاستحمام
وأن تعاد كتابة تاريخه بحيث يكون لآبائي وأجدادي اليد
الطولى في البطولات والإنجازات.
وأن تدفن النفايات النووية بكل خشوع وإجلال على الطريقة
الإسلامية وبمرافقة وتلاوة أشهر المقرئين والمنشدين.
أن يعاد الاعتبار لكل تلميذ أو طالب كان ترتيبه الأخير في صفه
وتتدفق الوفود إلى دار ذويه للتهنئة والمباركة، والأكثر غباء يوفد
لمتابعة الدراسة والتحصيل العلمي على نفقة الدولة.
*
وتحسباً لأي هجوم على أي خط دفاعي في الليل
يضاء هذا الخط بالمصابيح والشموع كالكنائس في عيد الميلاد
وأن يصافح المبدعون في أي مجال بالأرجل لا بالأيدي
ويطردون من ديارهم وتصادر أملاكهم ويجردون من جنسياتهم.
*
أعرف أنها شروط تعجيزية...
ولكن لتعرفوا أية شروط تفرضها عليّ القصيدة قبل كتابتها على
صفحاتي المفروشة بالورود والدموع والتوسلات.