سينبت الحُب - محمد موفق وهبه

فِي هَـدْأَة الليـلِ وَالنَّجْمَـاتُ شـارِدَة
والغَيـمُ فَـوقَ جَبيـنِ الأُفـقِ مُنتثـرُ
والجَدْوَلُ الطِّفلُ تُغري الصَّمْتَ ضِحْكَتُهُ
وَالبَـدرُ رَاحَ عَـلى التَّـلاتِ يَنحـَدِرُ
ألقى عَلى بَسْـمةِ الأمْـوَاجِ أَشـرِعَةً
مِـنَ السَّـنى تَنطَوي حيـناً وَتَنكَسِـرُ
فِـي هَـدْأةِ الليـلِ وَالأزْهـارُ نائِمَـة
وَعِطرُها مِنْ جُيُـوبِ الرَّوضِ ينتشِـرُ
وَكلُّ مَنْ فِي الدُّنى أغفى سِـوَى مُقَـلٍ
قد رشَّ أهدابَهـا من كُحلِـهِ السـهرُ
..
قالتْ لَـهُ وَخَيَـالُ الحُـبِّ يُـلهمُهـا:
إنَّ الـزَّمَـانَ عَـدُوٌّ غـادِرٌ جَـائِـرْ
فالقَـلبُ مُـرْتَعِشٌ فِـي خَفقِـهِ أَبَـداً
وَ كلُّ عِرقٍ بِجِسـمِي خائِـفٌ حَائِـرْ
..
فَهَـلْ صَحـيـحٌ إذا مِـتُّ وَنامَ فـي ثَغـرِيَ الصَّمْـتُ
سَـيَنبُتُ الحُـبُّ مِـنْ بَعْدِي وَيَنتشِـي الفُـلُّ وَ الرَّيْحَـانْ
أمْ سَوْفَ يَطوي الهَوَى عَهْدِي يَرميهِ فِي هُـوَّةِ النِّسْـيَانْ..؟
..
فغنّى بصوتٍ يَضوعُ حَنانـاً وَفِي مُقلتيـهِ دُمُـوعٌ سَخينَهْ
نشيداً يُذيـبُ فُـؤادَ الدُّجى وَيَملأُ بِالحُـزنِ قَلبَ السَّكينَهْ:
" لماذا يَعيثُ بِثَغـرِكِ هَـذا السُّؤالُ فتبقينَ دوْمًا حَزينهْ..؟
..
إذا الدَّهْـرُ فَـرَّقَ أغصَانَنا وَ أضْحَيْتِ طيَّ جُفونِيَ حُلمَا
سَـيَبْقى هَـوَاكِ يَرِفُّ بِقَلبي وَأَبقى أُلاقيـكِ طَيفاً وَ وَهْمَا
إلى أنْ يُقرِّبَني المَـوْتُ يَوْمَا وَأَقضِي بِحُبِّيَ حُزنـاً وَغَمَّا
..
فإنْ أنعشَ الحُبُّ روحِيَ قبْلاً سيُذوي الفِرَاقُ رَبيعَ الشَّبَابْ
خُلِقنا حَبيبَيْـنِ بَيْـنَ الوَرَى وَ نَبقى حَبيبَيْنِ تَحتَ التُّرابْ
و َيَغدُو هَوَانا حكايـا تُعـادُ وَإنْ لمْ يَعُدْ للعُهُـودِ إيـابْ
..
فإنْ شَدَتْ بَعْدَنا طيُورٌ وَفتـَّحَ الفُلُّ وَ الرَّيْحَانْ
فليْسَ ذاكَ سِوَى هَوَانَا يَعُودُ فِي خاطِرِ الزَّمَانْ "
..
1961