وأيضاً.. يقوم الشتاء قتيلا - ياسر الأطرش

وأيضاً.. يقوم الشتاء قتيلا‏
وأعرف أنّ الذي جاء موتي.. وأقرأ وجهك إلا قليلا‏
وهذا الوقوف على باب حزنٍ قديمٍ.. يطولْ‏
ويطفئ في الروح قنديل ذكرى‏
ويوقد سرباً من الخوفِ‏
سرباً يضيء احتمال الحياةِ..‏
وسرباً ضليلا‏
فلا تكتبيني شتاءً طويلاً‏
لأنّ الرفاق انتهوا في الزحامِ‏
ووحدي.. دخلتُ شتاءكِ ناراً‏
فكنتُ احتراق دمي.. والفتيلا‏
كوجهي يقوم الشتاء قتيلا‏
* * *‏
ومن طلعة الثلج نبني الحكايا‏
ونسقف جوع الحقول بوهمٍ؛ لكي نستريح على قمحنا المستعارْ..‏
نُشيِّدُ نهراً هنا أو هناك‏
ونصنع شمساً من الأغنياتِ‏
ليأتي النهارْ‏
كذا علّمونا‏
وكنّا صغاراً نسمّي الغيوم بيوت المطرْ‏
وكنّا نعذّب حتى الشوارعَ‏
نطفئ كل شموع الطريقْ..‏
ونكسر بالماء ضوء القمرْ‏
وكنّا صغاراً نحاول أنْ نستبين السبيلا‏
فقام من العمق هذا الحصارْ‏
يُزنّرُ بالليل خصراً نحيلا‏
كوجهي يقوم الشتاءُ‏
وأيضاً.. نعدُّ الرفاق قتيلاً قتيلا..‏
يعودون من ذكريات الصبايا‏
عصافير حزنٍ تخبّئ تحت الجناحِ الشراعَ‏
ونبضَ الحياة وصبراً جميلا..‏
كذا علّمونا‏
وما نحن إلا نتاج انكسارات ذاك المسارْ‏
وما نحن إلا غبار اشتهاءاتِ زوجٍ فقيرْ‏
تسّرب في العمر.. فوضى‏
وجئنا إلى العمر من ثقب باب الحوارْ‏
نجرُّ الصهيلا‏
على أرجلٍ خاويات الضلوعْ‏
كأنّا أتينا هنا كي نجوعْ‏
ونبني الفصولا‏
بأجسادنا العاريات عن أيّ زرعٍ‏
بأحلامنا القابعات فينا صليلا‏
يقوم الشتاء كوجهي قتيلا‏
وأنتِ تقومين بستان وجدٍ‏
يشدُّ البقيّة من أرجواني إلى وردةٍ في المساء القديمْ..‏
هناك.. على ضفّة البرتقالْ‏
مسحتِ بكفّيكِ وجه الوطنْ‏
وكان العناق الحميم.. رسولا‏
ولكنّ قلب المسافات أعمى‏
ونحن ندور بغير اتجاه!..‏
لمن سوف نرفع- بعدُ- الصلاه؟!‏
وصوتكِ ينهض قبلي قتيلا‏
وهذا الشتاءُ‏
يمرُّ علينا.. على الفقراء‏
طويلاً.. طويلاً.. طويلاً.. طويلا‏