عاصمة الغمام - ياسر الأطرش

إلى نزار قباني‏
قبل أن نأكل ظلّه..‏
بردٌ‏
وما في الكأس لا يكفي‏
لنصحو من براءتنا تماماً- يا دمشقُ‏
ولا الندى يكفي لعرس العشبِ‏
داستْ فوق أحلام الفراشاتِ القوافلُ‏
واستراح البحرُ‏
في نزف المسافةِ‏
بين شباك القصيدة؛ والرمادْ‏
ها حبّةُ المطر الأخيرةُ‏
تطرد الوجه المكسّر من مرايا الماءِ‏
تتركه على سطح اليباسِ‏
وتعبر الوقت الأخيرَ‏
بظلِّ نهرٍ لا ينام على تراتيل البلادْ‏
ها شرفة الألوان تصعدُ‏
من يطلُّ على السنابلِ؟‏
من يقود الحبَّ في عتم الأزقةِ‏
من يزيّنُ شارع العشاق بالفوضى‏
ومن سيقول للأنثى: -أحبكِ؟!!‏
أيها اللغةُ- الخرابُ‏
الآن تصفرُّ العناقيدُ- النبيذُ‏
ويسقط الرمّان عن شفة الحوارِ‏
يغادر المقهى خرائطهُ‏
وينشر نكهة المنفى على حبل الكلامْ..‏
وغداً‏
سيحملكَ الحمام إليكَ في عتب الحمامْ..‏
يا من جرحتَ بوردكَ الطفليِّ أنظمة الرخامِ‏
ولم يُجرِّحْكَ الرخامْ..‏
يا بوح طين الناسِ‏
يا همس الشوارع للخطا‏
يا ضحكة الأمويِّ‏
أقفرتِ المآذنُ‏
لم يعد في الشام عشاقٌ.. ولا في العشق شامْ..‏
يا من توحّدُ في الشتات عواصم الدنيا‏
وترجع عارياً‏
في كفكَ الأعلى مكاتيبٌ‏
وفي دمنا دموعْ..‏
وغداً‏
ستعبر فوق بستان القصائد غابةٌ أخرى‏
وتنكسر الضلوعْ..‏
وغداً‏
سيطحنكَ الزحامْ‏
قُتلَ الإمامْ‏
وعلى هديل الفجر في عينيكَ أطفأنا الشموعْ‏
فانثرْ قصيدكَ فوقنا.. كيلا نجوعْ..‏
هي آخر الأشواقِ‏
فارتجل البنفسجَ‏
كي نمدَّ على ظلالك وقتنا‏
وننام.. حتى الأغنياتْ‏
ها عرّش الليمون فوق وجوهنا‏
واغتالنا نور الحياة..‏
فارفع أغانيك الأخيرة فوق مئذنة السلامْ‏
همْ يبحثون عن السلام هنا‏
وأنتَ هناكَ.. يا من لا نحبكَ‏
أنت.. عاصمة الغمامْ‏